سعد السبيعي
من أهم الموارد الاقتصادية لأي دولة المياه، وهي الدعامة الأساسية للحياة البشرية والوقود الذي يستطيع من خلاله الجنس البشري أن يعيش ويستمر وجوده، فيقول الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} (سورة الأنبياء)، إذ يتكون جسم الإنسان من نسبة عالية من الماء، فوزن الجسم يحتوى على 60% من وزنه ماء، ودم الإنسان يحتوى على 80% من وزنه ماء، وعظام الإنسان تحتوى على 20% من وزنها ماء، وعضلاته تحتوى على 80% من وزنها ماء، ودماغ الإنسان يحتوى على 85% من وزنه ماء.
وتختلف أهمية هذه الموارد بحسب أهميتها بالنسبة للبشر من حيث وجوده أو فنائه، وهنا يجب أن نشير إلى أن هذه المواد ليست بقيمتها المادية، فهناك موارد بالرغم من ندرتها وقيمتها المادية الغالية إلا أنها قد تكون ثانوية أو جانبية في حياة الإنسان كالذهب والماس والأحجار الكريمة، وفي المقابل نجد أن موارد أخرى رغم وفرتها النسبية وانخفاض قيمتها المادية إلا أنها تمثل حجر الزاوية بالنسبة للإنسان، وهي الحد الفاصل بين الحياة والفناء، وأعتقد أن هذا ما ينطبق بكل تأكيد على المياه.
ومع تزايد عدد سكان الكرة الأرضيّة يرتفع الطلب بالتأكيد على موارد المياه، ففي منتصف القرن التاسع عشر تضاعفت كميات المياه العذبة المستخدمة لأغراض بشريّة، قرابة أربعة أضعاف ما كانت عليه قبل ذلك القرن، وتضاعف العدد نفسه مرتفعاً من ألف كيلومتر مكعب إلى أربعة آلاف من الكيلومترات المكعّبة، عند نهاية حقبة التسعينات من القرن العشرين، وحاضراً ارتفعت كميات المياه العذبة المستخدمة بشريّاً إلى قرابة خمسة آلاف كيلومتر مكعّب، مع الإشارة إلى أن الكرة الأرضيّة لا تستطيع أن تقدّم للجنس البشري سوى تسعة آلاف كيلومتر مكعّب من المياه العذبة.
ويتوقع الخبراء مع ازدياد الطلب العالمي على المياه أن يشهد القرن الحالي احتمالات قوية لحروب على مصادر المياه، إذ إن عدد سكان العالم الذي تجاوز سبعة مليارات نسمة حالياً من المتوقع أن يزداد بمقدار 2.6 مليار نسمة خلال الثلاثين عاماًَ القادمة، بينما من المتوقع ألا تزيد موارد المياه، وإن زادت فلن تكون بزيادة عدد السكان نفسها، وبذلك أضحت مشكلة الصراع على مصادر المياه معضلة تؤرق العديد من الدول، ولعل أبرز هذه المشكلات المشكلة الواقعة بين مصر وأثيوبيا والسودان والتي وصلت إلى التهديد بقيام حروب بين الدول الثلاث، والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً: هل ستكون المياه مصدراً للخير للبشرية، أم أنها ستكون سبباً ومبعثاً للشقاق والخلاف، في حال شحّتها وتضاؤل كمّياتها في الحاضر والمستقبل..