يخطئ كثير من أفراد المجتمع حينما يعتقدون أنّ الثقافة هي ذلك الكم الهائل من المعلومات، وتزداد خطورة هذا الاعتقاد عندما يؤمن به بعض المعلمين في عملهم التربوي. وهذا الاعتقاد اعتقاد بالجزء، وإهمال للكل، فالثقافة مركب من كلِّ ما توفّر للإنسان من علم، ومعرفة، وخبرة، وعادات، وتقاليد، وقيم يؤمن بها المجتمع، وتركز برامج إعداد المعلمين في الكليات التربوية على ترسيخ هذا المفهوم؛ حتى يصبح المعلم على دراية بما يؤمن به، وبما يفعله، وبما يتطلّع إليه، ولكن الإشكالية أنّ بعض المعلمين أثناء دراستهم الجامعية، يرون أنّ المواد التربوية التي يدرسونها هي مجرّد مواد لإتمام برنامج التخرُّج، وتكبر معه هذه الإشكالية حينما يتم تعيينه معلماً، فينظر بعض المعلمين لرسالتهم التربوية على أنّه عمل يتقاضى بموجبه في آخر كلِّ شهر راتبه سواء قلّ أم كثر؛ لذلك ترى كثيراً من التصرُّفات التي لا تليق بالمعلم، ولا بالمدرسة ككيان تربوي، ترى ذلك التعصُّب الرياضي، وتشجيع فريق كروي بعينه، فيغرس المعلم حبّ ذلك النادي، والتعصُّب، في نفوس ناشئته، وهو لا يعي عواقب ذلك التصرُّف، حتى أنّ هناك معلماً يبارك لفريقه قبل بداية الحصة، وترى معلمّ اللغة العربية يدرِّب طلاّبه على إلقاء قصيدة نبطية باللهجة العامية، وهو لا يدرك خطورة العامية، ومزاحمتها للفصحى، وأعرف معلماً فضّل قصيدة بالعامية على قصيدة فصحى للمشاركة في برنامج المدرسة للاحتفاء باليوم الوطني، وترى بعض المعلمين يرفض مناقشة فكرة اجتماعية طرحها أحد الطلاّب، بحجّة أنّها لا تتعلَّق بالموضوع الدراسي للمادة، وهو لا يعرف أنّ فلسفة التعليم هي إعطاء الطالب ما يحتاجه للحياة.
لا أقول كلّ المعلمين، وإنّما أقول بعض المعلمين، ومع ذلك فهذه إشكالية يجب معالجتها وفي أقرب وقت؛ لأنّ مهنة التعليم مهنة لا تقبل الخطأ؛ خطؤها يدفع ثمنه كثيرٌ من أبنائنا الطلاّب.