سعد بن عبدالقادر القويعي
ما يشهده إقليم الشرق الأوسط من تطورات مختلفة، وارتباطه بالحساسيات الدولية، لا يمكن رؤيته - اليوم - دون التوقف عند مماطلات الإدارة الأمريكية فيها، واستعادة موقفها السلبي - مع الأسف - كفاعل أساس في شؤون منطقة الشرق الأوسط، وقضاياه التي تزداد حدة، وتعقيداً. - وخصوصاً - أن المنطقة بأكملها يعاد رسم خرائطها، وترتيب صياغة التحالفات من حولها.
واقع ما يجري على الساحة - اليوم -، يؤكد على ضرورة اتباع سياسات متزنة في المنطقة، تقوم على تعزيز المصالح، والعمل على تحقيق الغايات المتبادلة؛ من أجل تفعيل الأدوار الخارجية، ومواجهة التحديات المركبة، وتعظيم المنافع المشتركة، بعيداً عن تدشين محاور المناكفات، والمشاغبات السياسية، بعد أن شكلت الأزمة السورية نقطة اشتباك بين نظم إقليمية، وأخرى دولية في لحظات التحولات الإستراتيجية، والإقرار بمصالح متناقضة من ناحية، ومصالح مشتركة من ناحية أخرى.
مع دخول الأزمة السورية عامها الخامس، وعلى الرغم من أنّ إدارة أوباما، كانت قد أعلنت - منذ البداية -، أنّ الأسد قد فقد شرعيته، وأنّ عليه الرحيل؛ إلا أنّها لم تقرن أقوالها بأيّة أفعال، بل عرقلت الجهود التي كانت تهدف إلى الإطاحة بالأسد، وأراد صانع القرار الأمريكي استعادة حليف قديم في المنطقة، حين انخرطت في عمق القضية السورية، ودعمت مواقف النظام، وسياساته، والعمل - أيضاً - على تعزيز علاقاتها مع إيران، باعتبارها عرّاب نظام الأسد، وحاميته الأولى.
بدا واضحاً في تلك اللحظة، أن الإدارة الأمريكية جعلت من الملف السوري طريقاً نحو التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وفقاً لما أكّدته الرسائل المتلاحقة بين الرئيسين - أوباما وخامئني -. وهذا المنحى في المنظور الأمريكي، أشار إليه - الأستاذ - علي حسين باكير، بأن ما تراهن عليه إدارة أوباما على الاتفاق القادم مع إيران هو المطلوب، فإن توصل الطرفان إلى هذا الاتفاق النووي الشامل، فسيأمل الجانب الأمريكي في أن يتجاوب الإيرانيون معه في حل الأزمة السورية. وترى بعض المصادر المقرّبة من الإدارة الأمريكية، أن هناك إمكانية للبناء على مثل هذا الطرح، وذلك من خلال البحث عن المصالح المشتركة بين الطرفين، حيث يمكن التقارب مع طهران على قاعدة محاربة تنظيم داعش في سوريا، على أن تقوم إيران بالمقابل - أيضاً -، بدعم المسار الذي يؤدي إلى هدنة محليّة، بينما يتم العمل على تحقيق الانتقال السياسي في البلاد وفق جينيف - 1 .
إن المصالح المحملة بثقل التاريخ، تستدعي المحافظة عليها، وتنميتها، - سواء - في المجال التقني، أو الاقتصادي، أو الإستراتيجي العسكري. - وعليه - فإن النظر إلى مواقف الإدارة الأمريكية الحالية، يتطلب منها العودة إلى تأييد حق الشعب السوري بمزيد من العدالة، والإنصاف، والاعتدال، والتوازن؛ لتصبح شريكاً مهماً، وفاعلاً رئيساً في قضايا المنطقة. وبكشف تتبع السياسة الأمريكية - خلال السنوات القليلة الماضية -، فإن نتائج الاستمرار في موقفها المتناغم - للنظامين - الإيراني، والسوري، سيؤدي بها في - نهاية المطاف - إلى فقد الثقة بسياساتها على المستويين - العربي والدولي -، - خصوصاً - بعد أن ظهرت بمظهر المتراخي مع الملف النووي الإيراني، والعمل على تعقيد الأزمات الدولية، والنزاعات الإقليمية في المنطقة.