جاسر عبدالعزيز الجاسر
يتنقل كبار المسؤولين العراقيين بين عواصم العالم طالبين مساعدتهم في محاربة داعش ومواجهة ما يرتكبه أنصارهم ومؤيدوهم السياسيون أو المذهبيون، لا فرق؛ لأن في العراق أصبحت التفرقة بين الطائفي والسياسي صعبة؛ فالسياسة هناك تمارَس حسب اللون المذهبي الذي ينتمي إليه الفرد.
الدكتور حيدر العبادي هو الشخصية التي بنى عليها العراقيون وخارج العراق الكثير من الآمال لمحاصرة الطائفية، وتقليص إقصاء المكونات العراقية المذهبية والعرقية التي عانت في عهد حكومات نوري المالكي.. إلا أن حلفاء حيدر العبادي من (البيت السياسي) التحالف الوطني الشيعي - رغم كل جهوده واستعداده الفكري والشخصي لإزالة عوائق مشاركة جميع العراقيين في العملية السياسية - يعرقلون جهوده، ويفشلون كل ما يقوم به لتسهيل إشراك الآخرين في العملية السياسية؛ فالتحالف الوطني لا يزال يمنع إقرار قانون الحرس الوطني الذي يتيح للعشائر العربية السنية المشاركة في التصدي لتنظيم داعش الإرهابي في محافظاتهم. وهدف التحالف الوطني الشيعي أن لا يشارك تنظيم عسكري ينافس الحشد الشعبي الذي يضم المليشيات الشيعية. أيضاً يقف التحالف الوطني الشيعي حجر عثرة أمام أية مشاركة للمكونات الوطنية العربية، كالسُّنة العرب والأكراد، في الأجهزة الأمنية من تشكيلات الأمن التابعة لوزارة الداخلية، كالشرطة الاتحادية أو تشكيلات العمليات العسكرية وقادة الفرق والألوية.
أما آخر تدخلات التحالف الوطني الشيعي وإحراجه لحكومة حيدر العبادي فهو منع النازحين العراقيين من دخول المدن العراقية بعد أن فروا من قوات تنظيم داعش. فالعراقي الفار من المحافظات السُّنية مطالَب بـ(كفيل) ليدخل بغداد أو الحلة أو كربلاء، في حين يسمح للقادم من محافظات الجنوب الشيعية!
التضييق على النازحين العراقيين الهاربين من المحافظات العربية السنية في الأنبار وصلاح الدين وديالى في دخول المحافظات والمدن العراقية الأخرى، بل حتى إيذاؤهم وحرق منازلهم بعد أن يتم تخليص مدنهم من تنظيم داعش، سيضع هؤلاء المحاصرين بين مطرقة داعش وسندان مليشيات الحشد الشيعي والإقصاء المذهبي، ويدفعهم إلى العودة إلى مدنهم حتى وإن كانت تحت سيطرة داعش، بل الأكثر خطورة أن ينضم هؤلاء إلى داعش؛ لأنهم بذلك يعتقدون أنهم ينتقمون من الذين يمنعونهم من الاستنجاد بوطنهم الذي استولى على قسم منه داعش، والقسم الآخر من يدين بالولاء لملالي إيران التي أطلقت عنان داعش؛ لتعيث فساداً في العراق وسوريا؛ ما أتاح للمليشيات الطائفية إكمال القسم الآخر.