فوزية الجار الله
تشدني مشاهدة الأفلام وخاصة الأجنبية منها إلا أنني أفضل القراءة على متابعة أحد الأفلام، لكن يحدث أحياناً أن أكون في مزاج سيء إلى حد ما ويصيبني شيء من الكسل تجاه القراءة فأتجه إلى مشاهدة فيلم ما عبر الشاشة.
من أجمل الأفلام العالمية التي شاهدتها خلال حياتي منذ سنين خلت، فيلم «الرسالة» و»عمر المختار» وأيضاً الفيلم العربي «قاهر الظلام « الذي يحكي سيرة الأديب العربي طه حسين، وفي هذا السياق يخطر الآن في ذاكرتي أحد الأفلام الذي شاهدته في طفولتي وتفاعلت معه حتى أصبحت على حافة البكاء هو فيلم «عقد اللولو»، كنت أتابعه بكل حواسي وقد صدقت في تلك اللحظة بأن اللصوص قد اختطفوا (فهد بلان) حبيب صباح التي كانت تعيش معه قصة حب جميلة ! « يالبراءة الطفولة «!
في ذلك اليوم كنت على عجلة من أمري لمحت لقطات من أحد الأفلام شدني الحوار، قلت أشاهد بضع لقطات منه للتأكد إن كان يستحق المشاهدة أم لا؟! توالت الأحداث، شدني الحوار رغم إزعاج الفواصل الإعلانية الطويلة، التقطت شيئاً من الحكاية، لفت انتباهي في البداية رجل لا يخلو من وسامة يبدو شعره مصففاً بطريقة مميزة توحي بالرقي والأناقة وليس الرفاهية، عادة لا أحب مشهد مضغ اللبان لكن الرجل كان يمضغ لباناً بطريقة مميزة تجعلك تشتهي قطعة من لبان ولو لم تكن من هواته.. رجل غارق في ضجيج المدينة، هو إنسان بسيط صادق لكنه يرى الكذب والزيف أمامه بأبشع صوره، خاصة في عالم السياسة والأعمال. يملؤه الأسى يشعر بالتعب، لديه زوجة شقيقه التي يشعر بقربها منه لكنه يرفض ويقاوم فقد كانت زوجة لأخيه الذي توفي مؤخراً، بعد سلسلة من المتاعب يقرر الرحيل معها بعيداً عن هذا العالم الزائف، يتحدث إليها، يسألها عن ولاية فرجينيا، عن الهدوء وجمال الطبيعة هناك يعدها بأنه سيرافقها ويسافران معاً، في طريقه إلى المنزل يتوقف بجانب محل صغير لبيع الصحف يتعرض للسرقة من أحد النشالين العابرين، يتجه إلى المنزل يشعر بالتعب الشديد يسترخي على المقعد ثم يموت.. هكذا ببساطة.
في نهاية اللقطة حمدت الله أن الأمر لا يعدو كونه تمثيلاً. ولو كانت حياتنا كالأفلام لكنا أكثر استمتاعاً وسعادة.. لو كان ذلك لكنا نعلم يقيناً أنه بعد كل مشهد حزين هناك من يغلق الستار ثم يخرج لنا من جانب خفي أولئك الممثلون الذين أمتعونا وأحببناهم ثم غيبتهم الأيام لسبب أو آخر إما خلف جدران السجن أو تحت الأرض في حفرة ما تُدعى بالقبر.
سطوري أعلاه كانت مجرد خاطرة أردت أن نستريح بها قليلاً من ضجيج الواقع وقسوته أحياناً التي لاتخلو حياتنا منها جميعاً بلا استثناء.