ناهد باشطح
فاصلة:
(هناك أمران ينبغي أن يتحسنا وإلا كانت الحياة لا تطاق: إهانات الزمان ومظالم البشر)
- حكمة عالمية
بضعة أيام كانت كافية لإيضاح افتقاد الصحافة الورقية لأدوات قوية لتشكيل الرأي العام بالقدرة ذاتها التي امتلكها موقع تويتر عبر صحافة المواطن.
القصة الصحفية بدأت حين نشر د. متعب العنزي وهو طبيب نفسيّ في كندا تغريدة تشير إلى رابط في مدونته لتحقيق استقصائي أعده يوضح بالأدلة عدم فعالية جهاز يدعى ألفا-ستيم، ادعى طبيبان مشهوران هما د. طارق الحبيب ود. أسعد صبر أنه فعال في علاج الاكتئاب والقلق وعدد من الاضطرابات النفسية عبر فيديو في موقع يوتيوب وفي عرض دعائي لمريض يتحدث عن فائدة الجهاز كما أن الفيديو هو إعلان لاستخدام الجهاز لمعالجة المرضى في مركز خاص بالدكتور الحبيب اشتعل تويتر بالنقاش والرد.
د. متعب العنزي الذي في كندا يقدم لمتابعي تويتر الأدلة المؤكدة لعدم فعالية الجهاز بل ويفند ادعاءات الطبيبين الحبيب وصبر أيضا بأدلة دامغة كل ذلك يتم في دقائق أو ساعات دون أن يحتاج د. العنزي إلى غرفة أخبار أو مجيز لمادته لتنشر على الملأ.
وما هي إلا أيام حتى استجابت الجمعية السعودية للطب النفسي لمطالب الجمهور وأصدرت بيانا عبر تويتر يؤكد أن الجهاز علميا ومهنيا لم تثبت فعاليته، كما أعلنت اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة عبر حسابها في تويتر أنها ستقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحقوق المرضى المادية والمعنوية وفقا لأحكام نظام الرعاية الصحية.
هذه الحادثة تحمل أكثر من معنى في تطور علاقة المواطن بقضاياه عبر وسائل الإعلام الجديد.
ورغم أن الجمعية النفسية برأت ساحة الطبيب العنزي من اتهامه بالتلفيق أو التشهير إلا أن هناك دورا ما زال مأمولا من المؤسسات المعنية لتظل الأسئلة معلقة:
ماهو دور الجمعية السعودية للطب النفسي تجاه تهديد طبيب نفسي لزميله بمقاضاته دون أدلة واضحة؟
ما هو دور هيئة الغذاء والدواء تجاه استعمال جهاز لم تصرح ببيعه أو تسويقه؟
ماهو دور وزارة الصحة تجاه تجاوز الأطباء لأخلاقيات المهنة واستعمالهم في علاج المرضى جهازا لم تصرح هيئة الغذاء والدواء باستعماله بينما يروجون لموافقتها باستعماله ووجوده في أكثر من مستشفى سعودي، وهي معلومات نفاها الأطباء في ذات المستشفيات عبر تويتر أيضاً؟
ماهو دور وزارة التجارة والصناعة في بيع جهاز غير مرخص باستخدامه وأيضاً بسعر مبالغ فيه؟
إن المتاجرة من قبل الأطباء لحاجة المرضى للشفاء لم يعد أمرا يقبل السكوت به في ظل انتشار الاستشارات النفسية من قبل غير المختصين عبر وسائل الإعلام المختلفة.
لقد حضرت المصداقية والعدالة في تويتر من قبل طبيب نفسي سعودي أبى إلا أن يقوم بمسؤوليته تجاه خلل اكتشفه في وعي مميز وتعامل راقٍ مع خصومه.
وحضر وعي الجمهور في دعم د. العنزي ومده بالتأكيدات المعنوية أو الأدلة المادية وغابت الصحافة الورقية وتنازلت عن مسؤوليتها في أن تكون صوت المواطن، ولا عزاء للصحافيين.