د. خيرية السقاف
أغلقت المدارس أبوابها...
واستقبلت المنازل في النهارات المشعة أصحابها..
ويخيل إليّ كم هي فرحة مبتهجة بهم هذه المنازل بحجراتها، وأبوابها..، ونوافذها، وهوائها..
لتوَدِّع صمت نهارها الطويل، وتعود للنبض في أركانها..!
لكنهم مسافرون..,!!
فحقائب السفر اقتربت من الأبواب..، وحركة الشراء، والذهاب للأسواق والإياب استعداداً لسفرهم تشهدها جدرانها..، وسقوفها،..!!
فيها الصغار يتململون من الساعات الباقية ليغادروها..
والكبار فيهم يتجاذبون الحديث في اختيار المواقع التي يقصدونها..،
وفي إعداد المبالغ المرصودة التي هناك سيبددونها..!!
ولكن إلى أين..؟!
إلى حيث مزيد من نسيان أيام العمل, والدراسة فقط..؟!
أم لنسيان اليد العابثة بصمت, وخفاء في جسد الوطن تتصيّد الآمن فيه..؟!
أم لنسيان هذا الوباء المنشر في أجساد الشعوب العربية..؟
أم لنسيان ما آلت إليه فلسطين، وسوريا.., واليمن..، وليبيا..، العراق..، وحيث توضع في جسد الأمة العربية المسلمة فتائل النار، والتدمير , والإنهاك, والإفناء، والإذلال...؟!
مسافرون إلى أين..؟
ولماذا..؟
ألأننا خارج بوتقة نبض هؤلاء هنا، وأولئك هناك..،
لأنّ كل فرد في الحقيقة «يغني على ليلاه»..؟!
أم لأنّ الأفراد جُلَّهم تعوّدوا أن لا علاقة لهم بالكل..؟!
أم لأنّ المسافرين اعتادوا على الدعة فهناك من يفكر لهم، ويعمل من أجلهم، ويضحي ليكونوا هم السعداء، ولتخلوَ أذهانهم من التفكير في أية مسؤولية، ولتتحرر إراداتهم فتنحصر مشاعرُهم في شؤونهم الفردية الخاصة..؟!
وإلا...؟
إلى أين يسافرون وكل الذي سيبددونه من المال جزءٌ من عصب الوريد فيصبح مؤونة للغريب..!
لكنهم سيسافرون...!!
والمواقف الفردية العازمة هي جزء من النبض العام..، وانعكاس لمساحة الإحساس، والتفكير..!!
إلا ما كان سفراً لعمل، ولمشاركة، ولاستطباب..
فهناك تُفسح لسفر الإجازات في المرحلة الراهنة الأبواب..!!