محمد سليمان العنقري
قال تيم كالن رئيس بعثة صندوق النقد للمملكة إن تحفيز الطاقة لا يستفيد منه إلا الأغنياء؛ وبمعنى أدق يمكن القول إنه يقصد المستهلك الكبير بينما محدودو الدخل تبقى استفادتهم محدودة جداً، بينما قال أيضا إن القطاع الحكومي لا يمكن أن يتوسع بالتوظيف والحل بدعم ريادة الأعمال والتوظيف بالقطاع الخاص عبر تطوير المهارات للكوادر البشرية وكذلك تهيئة البيئة الصحية لريادة الأعمال. جاء ذلك في حديثه لصحيفة الاقتصادية.
ومن المهم ذكره أن تحفيز الاقتصاد من خلال تحفيز الطاقة يكلف سنوياً ما يفوق 400 مليار ريال وفق بعض الدراسات وإن كانت هذه الأرقام تتغيّر وفق أسعار النفط والغاز، حيث يتم حساب الفارق بين السعر العالمي والسعر الذي يُباع على المستهلك محلياُ سواء شركات أو أفراد لكن سيبقى الرقم بمئات المليارات سنوياً وبذلك فإن المستهلك الكبير حكماً سيبقى المستفيد الأكبر قياساً بالشريحة التي بالأصل وجد التحفيز لكي تكون هي المستفيدة منه، فالشركات تمتلك منشآت وسيارات وكذلك الأفراد ممن يمتلكون عدداً كبيراً من السيارات ومنازل كبيرة لا يقارن استهلاكها بالفرد الذي يمتلك سيارة واحدة ومنزلاً واحداً باستهلاك بسيط للكهرباء وبذلك فإن تأثير فكرة التحفيز يبقى محدوداً للفئة التي يستهدفها من ذوي الدخل المحدود، حيث غالبية الأفراد موظفون إما حكوميون أو قطاع خاص بعدد يفوق 3.5 مليون موظف وموظفة ويعيلون أسرهم بمتوسط 5 أفراد للأسرة أي ما يفوق 50 بالمئة من المواطنين.
وبحسب ما ذكره مسؤول صندوق النقد بأنه يجب توجيه التحفيز للمواطن مباشرة فإن تحقيق ذلك يعني ارتفاعاً بالرواتب يفوق 50 بالمئة مع تمويل لمشاريع التعليم والصحة وغيرها من الخدمات دون أن تتأثر بأي تراجع بأسعار النفط لكن بالمقابل فإن قطاع الأعمال سيتأثر مباشرة بارتفاع بالتكاليف قد يؤدي لعدم قدرته على تحمل أي خسائر مما قد يخرج الكثيرين من السوق في حال فشل بالمنافسة مع المنتج الخارجي المستورد أو الخدمات المستوردة بخلاف الحالة التضخمية التي سيحدثها رفع التحفيز مما يستوجب العمل على تطوير قطاع الأعمال من خلال أنظمة محفزة مختلفة لاستيعاب أي تغيير بأسعار الطاقة خصوصاً أن دراسات الجدوى للمشاريع تعد بناء على أسس من بينها رخص أسعار الطاقة كأحد العوامل الجاذبة للاستثمار محلياً.
إن الاتجاه الصحيح نحو تغيير سياسات تحفيز الطاقة يجب أن يواكبه دراسة من وزارة التجارة والصناعة بالمقام الأول حول التأثيرات على قطاع الأعمال وعلى المستهلك الفرد وعند التوصل للنسب التي سيحدثها أي تعديل بالأسعار يفترض أن توضع الحلول بأنظمة تعوّض هذا الفارق حتى تبقى البيئة جاذبة كأن يبدأ تغيير الأسعار تدريجياً على قطاع الأعمال حتى يتم استيعابه ويوازيه رفعاً للدخل للأفراد بنسب مقاربة مع تغيير بالأسعار لكن بفترة زمنية أطول وبنسب أقل مما سيرفع على قطاع الأعمال نظراً لأن قدرة الفرد على تحمّل أي تغيير تبقى أقل من قطاع الأعمال مع أهمية أن لا تقبل أي دراسة جدوى لمشروع تتضمن أي إشارة إلى أن رخص الطاقة أحد أسباب نجاح المشروع أياً كان نوعه وأن لا يقبل تمويله سواء من أذرعة التمويل الحكومية أو من الممولين المرخصين بالقطاع الخاص إذا كانت دراسة الجدوى تشير لرخص الطاقة حتى يتم بناؤها على عوامل تشغيلية متطورة تتيح نجاح المشروع. أما في ما يخص التوظيف فإن الحصول على وظائف جيدة يتطلب بالفعل دعم ريادة الأعمال بأكثر من طريقة مثل إلزام الجهات الحكومية بمنتجات هذه المشاريع مع وضع المواصفات المطلوبة أيضاً مرونة التمويل وأنظمة احتضان لهذه المشاريع تكفل وقوفهم على أرضية صلبة وتعزيز قدراتهم للاستمرار وكذلك التركيز على التوظيف بالقطاع الخاص الذي يتطلب بداية التوسع بالتصنيع والخدمات باتجاهات نحو صناعات رائدة وخدمات عالية الجودة والقيمة والأهمية لاستيعاب الشباب مع هيكلة ترفع من نسب المتجهين نحو التعليم التقني والمهني وكذلك زيادة الاستيعاب لخريجي الثانويات بالقطاعات الهندسية والصحية والمالية بشكل أساسي حتى يتم التحول لاقتصاد منتج وتتوافر كل الظروف لتحقيق هذا الهدف ويكون الدخل والمحفزات جاذبة فآخر تقرير لمؤسسة التأمينات الاجتماعية أشار إلى أن 55 بالمئة من المواطنين العاملين بالقطاع الخاص رواتبهم أقل من 3500 ريال شهرياً وهي معدلات تشير لضعف نوعية الوظائف التي يحصلون عليها وما خلف هذه الأرقام لا بد أن يدرس لأنها ستظهر بواطن الخلل بأسباب ما ينتجه الاقتصاد من وظائف ذات متطلبات تأهيل محدودة ودخل منخفض.
ما ذكره مسؤول صندوق النقد ليس بجديد، إذ سبق طرحه من خبراء محليين وبدراسات ومقالات كثيرة وإذا كانت الأجهزة الحكومية المعنية قد عملت على تحقيق ذلك كهدف منشود لتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل خلال السنوات الماضية إلا أن رفع نسبة النجاح بتحقيق هذه الأهداف بالمدة الزمنية المطلوبة يبقى أ حد أهم المعايير التي يُقاس عليها مدى نجاحها والتي تتطلب جهداً من وزارة الاقتصاد والتخطيط مع بقية الأجهزة الشريكة بنجاح التنمية المستدامة لإعادة النظر بعوامل القوة والضعف التي ترتكز عليها الاتجاهات والإستراتيجيات التي أعلن عنها مراراً نحو التحول لاقتصاد منتج ومتنوع ومنافس.