عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن علي آل الشيخ
قال الله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}، فالمساجد هي بيوت الله في أرضه التي أمر أن تعمر بالذكر والصلاة وقراءة القرآن والاعتكاف وهي الأمكنة التي يجب أن تنزه وتطهر من كل ما يدنسها من غلط وفوضى ورفع أصوات ومنكرات ونحوها كالشحاذة والتسول والسؤال عن الضالة والابتعاد عن التحدث فيها بشؤون الدنيا وغير ذلك لأن المساجد هي دور العبادة ففيها تطمئن النفوس وتزكو لا تسمع فيها إلا ذكر الله -عز وجل- وتلاوة لكتابه العزيز أو استماع لأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو تلقى فيها المحاضرات والندوات والمواعظ الشرعية، بل ينادى فيها لإقامة الصلاة جماعة خمس مرات في اليوم والليلة: «حي على الصلاة حي على الفلاح» فترى الداخلين إلى بيوت الله وقد خرجوا إليها من بيوتهم متطهرين تحفهم الملائكة وإلى ربهم راغبون ولنداء ربهم مجيبون ومنيبون، تاركين همومهم وأمور دنياهم خلفهم، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فيخرجون منها بعد أداء صلواتهم وعباداتهم جماعات وأفرادا إلى شؤونهم وقد انشرحت صدورهم واطمأنت نفوسهم بالصلاة في بيوت الله يلفها الخشوع والسكون والأمن والإيمان {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، وبيوت الله الطاهرة يلجأ إليها كل من ينشد الخلوة مع ربه فلهذا كانت هي أماكن الاعتكاف للرجال، وخاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك والمساجد ينفر منها كل شيطان ومنافق ومشرك ومن ليس بقلبه إيمان بالله، لأن الله سبحانه وتعالى قال: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِلآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}.
والناس في هذه البلاد المقدسة بلاد الحرمين الشريفين بعد أن منّ الله عليهم بنعمة الإسلام واتباع سنة نبيهم المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يسارعون بل يتنافسون في عمارة بيوت الله عبادة وتشييدا ويعظمونها ويطهرونها من كل دنس أو ارتكاب معصية أو أي أمر يعكر صفو المصلين والقارئين لكتاب الله العزيز فظلت مساجدنا ومازالت بفضل الله آمنة مطمئنة ومن دخلها فهو آمن في رحاب الله لها حرمتها المقدسة وهيبتها العظيمة ولا تزال تحظى بالعناية الفائقة من الحكومة السعودية حرسها الله منذ قيامها على يد المؤسس باني بيوت الله الملك الصالح عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وإلى عصرنا الحاضر العهد الجديد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أعزه الله- فالحكومة الرشيدة لا تألو جهداً في خدمة بيوت الله وتقدم لها الغالي والنفيس وبالتعاون مع المواطنين المتطوعين من أهل الخير في عمارة المساجد بناء وتشييدا، وما توسعة الحرمين الشريفين المشاهدة حالياً وإعمار المساجد في كل قرية ومدينة وحتى على الطرقات مساهمة من الدولة وأهل الخير إلا دليل صادق على ما توفره الحكومة للمساجد بما يلزمها من فرش وتعيين أئمة ومؤذنين وخدم وتصرف لهم مكافآت مجزية ونحو ذلك، فجزاهم الله خير الجزاء، ولكن المفسدين في الأرض من الإرهابيين الضالين المضلين أصحاب الفكر المنحرف أغواهم وزين لهم الشيطان سوء أعمالهم وأغرتهم فرق الضلال والإلحاد من الفرس الطغاة الحاقدين وغيرهم الذين يريدون إشاعة الفتن وتمزيق الأمة السعودية ووحدة صفها بإذكاء الطائفية المقيتة إرضاء لأهوائهم وأنفسهم الشريرة مستغلين تلاحم هذا الشعب السعودي النبيل طمعاً في خيراته وحسداً من عند أنفسهم ورغبة في نشر مذهبهم الخسيس الفاسد وبعد أن عجزوا أن يقتحموا هذا السد المنيع بمنعة الله ثم بقوة وفطنة رجال الأمن -حفظهم الله وسددهم- وقوة وتلاحم هذا الشعب السعودي المسلم والتفافه حول قيادته الرشيدة، وفشلهم في تحقيق أمانيهم الخبيثة، وبعد أن عجزوا عن تنفيذ مبتغاهم الدنيء في أماكن عديدة لتصدي رجال الأمن البواسل لهم بفضل الله في كل زاوية ومرصد بكل شجاعة وبسالة مقدمين أرواحهم في سبيل الله ثم فداء للمليك والوطن والذود عن دينهم ومقدساتهم الطاهرة لجأ أولئك الخوارج البغاة بعملهم الإرهابي الأخير إلى بيوت الله الآمنة لجعلها أمكنة لتفجيراتهم وقتل الأنفس البريئة غير عابئين بحرمة المان والزمان وقت أداء المسلمين الصلاة لله رب العالمين في يوم مبارك هو يوم جمعة عظيمة، ولكن بحول الله وقوته لن ينال المجرمون منا إلا الخزي والعار وسيدافع الله عن المؤمنين كما وعد الحق سبحانه وتعالى، حيث قال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}، وسيدحر الصفويين المجوس وستظل لحمة هذا الوطن متماسكة ومنصورة كما كانت منذ أن نشأت -بإذن الله- إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها تحت قيادة حكومتنا الرشيدة -أعزها الله- وفي ظل رعاية الله وحفظه، ثم في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك العادل سلمان بن عبدالعزيز -أمد الله في عمره- وسمو ولي عهده الأمين محمد بن نايف بن عبدالعزيز قاهر الإرهاب والإرهابيين، وسمو ولي ولي عهده المقدام البطل محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وإن ما يستغله أعداء الله وأعداء المسلمين في استباحة حرمة بيوت الله وترويع الآمنين والمصلين بل وتجرأوا على حرمة سفك الدماء المعصومة في بيوت الله كما حصل في مسجد جامع قرية القديح بمدينة القطيف يوم الجمعة الماضي ما يعد إلا تخريبا لبيوت الله وهدما لها وإفسادا في الأرض وتمزيقا لوحدة صف الأمة وتخويفا للآمنين عباد الله الركع السجود وانتهاكا لحرمة بيوت الله تعالى ونقول لهؤلاء الشرذمة الباغية التي تقتل الأنفس البريئة «حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله وموعدكم أيها الضالون المضلون: يوم تجد كل نفس ما عملت محضرا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».
وختاماً وإني في هذا المقام أعيد ما سبق أن طالبت به في أكثر من مقال يا قضاتنا الأفاضل أسرعوا في تنفيذ حكم الله وهو أحكم الحاكمين {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ...} الآية، وقوله عز من قائل عليما: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ} وأطالب وزارة الداخلية الموقرة ممثلة في إدارات الجوازات وإدارة مكافحة التسول التي نسمع باسمها ولم نلمس لها أثرا بمنع المتسولين من التسول في بيوت الله وعند أبوابها حماية لبيوت الله والمصلين وكذلك من تواجد المتسولين أمام الأسواق التجارية والدوائر الحكومية وفي الشوارع عند إشارات المرور، وألفت نظر إدارات المرور والبلديات إلى السيارات المركونة في كثير من مواقف كثير من الأسواق التجارية الكبرى وغيرها متعطلة أو تالفة أو مهملة لها مدد طويلة متوقفة فيجب سحبها وإبعادها حتى لا تستغل من ضعاف النفوس الأشرار.. حمى الله بلادنا من كيد الأشرار وحفظ عليها أمنها وقيادتها وأعز جندها وحرسهم من كل سوء ومكروه وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.