عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله بن علي آل الشيخ
من نعم الله على هذه البلاد السعودية المباركة وأهلها المباركين أن أنعم عليها بنعمة الأمن والاستقرار السياسي في انتقال الملك من ملك إلى آخر بكل طمأنينة وهدوء وبأمن وأمان متزامناً مع اعلان الوفاة للملك الراحل دون حصول فتن او قلائل أو فراغ للحكم أو تقاتل على السلطة ولا شك أن تلك فضل من الله تعالى ونعمه علينا جميعاً رعية وولاة أمر ثم بتمسك قيادتنا الحكيمة منذ مؤسسها الراحل الملهم والقائد العظيم الموفق بتوفيق الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود رحمه الله وذلك بتحكيمه الشريعة الإسلامية وجعل دستوره القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم المطهرة وتمسكه ومن جاء من بعده من أبنائه الملوك البررة رحمهم الله جميعاً متخذين ذلك شرعة ومنهاجاً لملكهم خلده الله قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ولقد شاءت ارادة الله أن أحبوا في عهد الملك المؤسس بطل الإسلام والمسلمين عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود تغمده الله بواسع رحمته وأن ابدأ خطواتي الأولى في عهده ولم أكن حينها أدرك من عالم الزمن شيئاً.
لصغر سني وقد سبق أن تمت في عهده مبايعة ابنه الأكبر الملك سعود ولياً لعهد والده فتولى سعود رحمه الله الملك بعد والده عام 1373هـ فتمت له البيعة الشرعية واختار أخيه فيصل ولياً لعهده من بعده.. كنت وقتئذ في الثالثة من عمري تقريباً ولكني سمعت فيما بعد أن الناس صابهم وجل وخوف بعد وفاة الملك عبدالعزيز وحزن عظيم على وفاة الراحل العظيم وصقر الجزيرة المظفر طيب الله ثراه وبفضل الله تمت مبايعة الملك سعود ملكاً على البلاد وأخيه الأمير فيصل السياسي البارع ولياً للعهد بكل ارتياح وطمأنينة وفي عهد الملك سعود التحقت بالدراسة حتى حصلت على الشهادة الابتدائية في السنة النهائية من ولايته بل في أوائل ولاية خليفته الملك فيصل الذي بويع بالملك من قبل العائلة المالكة وكبار العلماء والمشائخ لما اقتضت المصلحة العامة ذلك وسد لكل فتنة كادت تعصف بالأمة السعودية فتولى جلالة الملك فيصل رحمه الله مقاليد الحكم فكان بفضل الله انتقال الحكم بكل انسيابية وكان ذلك في منتصف عام 1384هـ وأمد الله في حياتي لأعيش حتى عاصرت في ريعان شبابي عهد الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز الذي بويع ملكاً للبلاد بعد استشهاد رائد التضامن الإسلامي الفيصل العظيم غفر الله له وذلك في شهر جمادى أول من عام 1395هـ وأعلن حينها أن أخيه فهد ولياً للعهد فبايعه الشعب على ذلك وانابه الملك خالد بتولي أمور الدولة ثم شاءت الإرادة الإلهية أن يستلم دفة الحكم بعد وفاة الملك خالد تغمده الله بواسع رحمته أخاه خادم الحرمين الشريفين الملك الهمام والسيف الحسام فهد بن عبدالعزيز سنة 1402هـ إلى أن توفاه الله بعد عمر حافل بخدمة شعبه السعودي الوفي والأمتين العربية والإسلامية حيث توفى رحمه الله عام 1426هـ بعد فترة حكم دامت ما يقرب من أربعة وعشرين سنة ثم تولى زمام الملك خادم الحرمين الشريفين الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز الذي نادى بأخيه سلطان بن عبدالعزيز ولياً لعهده فبايعه الناس وقد توفى في أواخر حكم أخيه عبدالله سنة 1432هـ فرشح الملك عبدالله أخاه الأمير نايف بن عبدالعزيز والذي توفى أيضاً بعد الأمير سلطان بسنة تقريباً عام 1433هـ تغمدهما الله بواسع رحمته ورضوانه وجزاهما لقاء ما قدماه لأمتهما وشعبهما خير الجزاء وأسكنهما فسيح جناته، فاختار الملك عبدالله بن عبدالعزيز أخاه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراللدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء وتمت لهما البيعة الشرعية على ذلك حتى يوم وفاة الملك عبدالله طيب الله ثراه يوم 4-3-1436هـ رحمه الله وأنزله منازل الصالحين الأبرار فوصلت قيادة هذه الأمة وتولى زعامتها الملك الإنسان والربان الماهر والسياسي المحنك ربيب القادة العظماء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله وأعانه وسدد خطاه فتمت له البيعة من كبار أفراد الأسرة المالكة ومن مفتي عام المملكة ومن جموع عظيمة من أبناء الشعب السعودي الوفي أمد الله في عمر ملكنا المحبوب ومتعه بالصحة والعافية وشد من أزره بعضديه الذين اختارهما وعينهما يحفظه الله وهما صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز رجل الأمن والقوي الأمين ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية فتمت لهما البيعة من أهل الحل والعقد ومن سائر الناس في مشهد قل مثيله في جميع أقطاع العالم المتحضر والمعاصر هكذا هي سرة ملوكنا الرجال العظماء وقادتنا النبلاء والشعب السعودي الوفي مع قياداته فلقد مرت مائة سنة وازدادت سبعة عشرة وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بحوله وقوته والقيادة من ملك إلى عقبه بكل انسيابية ومرونة وفق شرع الله وتمسك بسنة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن صحابة رسوله الكريم فله وحده الملك يؤتي ملكه من يشاء من عباده وينزع الملك ممن يشاء فكانت انسيابية انتقال الحكم على مر عصور المملكة تمر بكل هدوء وبلا ضجيج أو انقلابات أو اضطرابات أو سفك دماء فلم تعلن ولله الحمد والمنة حالة الطوارىء أو شل لحركة الناس ولم تحصل بفضل الله مظاهرات أو فوضى تفسد ولا تصلح ولا حدث منع للتجول ولا انتشار للجيش في الشوارع بل أمن وأمان غير حزن على من رحل وترحم عليه ودعاء له واستبشار خير في الملك القادم وسرعة في مبايعته ليقينهم بأن البقاء لله وحده مالك الملك العظيم ممتثلين لأوامره عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم ومقتدين بالسلف الصالح رحمهم الله في طاعة الله ورسوله وأولي الأمر فكانت تلك محل إعجاب العالم ودهشتهم من هذا التلاحم الكبير بين أبناء الوطن وملوكهم أبناء موحد هذا الكيان الشامخ المملكة العربية اسعودية العظيم رحمه الله رسوخ في اللحمة والتضامن والتكاتف يداً واحدة بين الشعب السعودي وملوكه الرجال العظماء أبناء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن فتجد الآلاف يتوافدون على قصر الحكم ومقار الإمارات في جميع المناطق والمحافظات من بلادنا المترامية الأطراف يأتون بكل حب وود لتقديم التعازي في الملك الراحل ومبايعة الملك الجديد البيعة الشرعية ومعبرين عن الولاء والوفاء والسمع والطاعة في العسر واليسر في المنشط والمكره وإن دلت على شيء فإنما تدل على قوة اللحمة الوطنية في كل الظروف والولاء الصادق من المواطنين لملوكهم وحكومتهم الرشيدة في كافة عصورهم وقبل ذلك كله تمسكهم بكتاب الله والسنة والسير على هدي سلف هذه الأمة والمحافظة على العقيدة الإسلامية التي تحث على الاجتماع على الحق وعدم الاختلاف والتفرق ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم كما نصت عليه الشريعة الإسلامية فكانت تمر السنين ونحن بفضل الله نعيش على تراب هذه البلاد الطاهرة بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية وفي كافة عهود الملوك الراحلين الذين عشت عصورهم تغمدهم الله بواسع رحمته ونحن في رغد من العيش وطمأنينة وأمن وأمان رغم ما حدث من بعض المنغصات التي كادت تعصف بالأمة لولا لطف الله بهذه البلاد السعودية ثم بتعاضد الشعب السعودي النبيل مع حكومته الماجدة فكانت حرب اليمن في أواخر حكم الملك سعود رحمه الله وحتى بدايات حكم الملك فيصل ثم استشهاده طيب الله ثراه وكذلك أحداث فتنة الحرم الشريف في أوائل القرن الحالي 1400هـ في عهد الملك خالد قدس الله روحه ثم ما حصل من احتلال الكويت من قبل حاكم العراق الهالك صدام حسين وما سببته تلك المصيبة للمملكة وشعبها بل العالم بأسره من زعزعة في الأمن ومخاسر فادحة في الأرواح والأموال وأكلت الأخضر واليابس اطفأها الله بلطفه ثم بحنكة الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز الذي تدارك الأمر وعمل مع بعض المخلصين من القادة في العالم على استعادة حرية الكويت وحكومته الشرعية لخاضوا حرباً ضروس فرجع الشعب الشقيق إلى وطنه بفضل الله ثم فضل وقفة المملكة بقيادتها الوفية والعالم الحر مع أبناء وحكومة الكويت ثم ونحن نشهد بحمد الله انتقال السلطة إلى ملك البلاد الرجل العظيم سلمان بن عبدالعزيز الملك السابع من أبناء عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حرسه الله بكل أمن واستقرار مبرهنين للعالم أجمع تلاحم القيادة والشعب في صف واحد مع ملوكنا وولاأمرنا أعزهم الله وخلد ملكهم نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يديم على هذه البلاد وحكامها وأهلها نعمة الإسلام والأمن والأمان وأن يحرسها ومقدساتها ويوفق قادتها الملك سلمان وسمو أولياء عهده الأمناء وحكومتهم الرشيدة لما فيه الخير والسؤدد وأن ينصر بهم دينه ويعلي بهم كلمته ويدحر بهم أعداءه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على إمام المتقين ونبي الهدى والرحمة سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم.