إن من توفيق الله ونعمه على هذه البلاد الطاهرة وأهلها أن جعل ولاتنا وأمراءنا منّا ونحن منهم، نحبهم ويحبوننا، وتربطنا روح الأُلفة والتراحم والتعاون على البر والتقوى، وإن العلاقة الحميمية التي تربط بين المجتمع السعودي وأمرائه ما كانت حديثًا يفترى أو تصنعًا، بل حقيقة يجسِّدها الواقع الملموس والمشاهد في كلِّ محفل ومناسبة رسمية كانت أو خاصة، حيث لم يكن أمراؤنا بمعزل عن مجتمعهم، بل تجدهم موجودين ومندمجين معه في حب ووئام قلّ أن تجدها في أيّ مجتمع من المجتمعات أو شعب من الشعوب إلا ما شاء الله في بعض دول الخليج العربيَّة الشقيقة.
ففي كلِّ مناسبة أو محفل اجتماعي في البيت السعودي كثيرًا ما نجد أن من بين أفراد حضوره أحدًا أو بعض من أمراء آل سعود حكام هذه البلاد السعوديَّة المباركة حفظهم الله دون تمييز عن غيرهم من الأفراد الحاضرين لذلك المجلس أو ذاك المحفل أو تلك المناسبة، بل تلمس التواضع الجمّ والأريحية في تلك الشخصيَّة الحاضرة، ولقد دأب أفراد الأسرة الحاكمة -وفقهم الله- على تواصلهم مع إخوانهم أبناء الشعب السعودي الكريم ومشاركتهم مناسباتهم الأفراح منها والأتراح وعيادة المريض منهم، وتلبية دعوات المواطنين بزيارتهم في بيوتهم، بل إن ملوكنا وأمراءنا يفتحون أبواب منازلهم بكلِّ بشاشة وسرور علاوة على مكاتبهم كمسؤولين لاستقبال إخوانهم أبناء الشعب ويدعونهم لمناسباتهم. فتجد في مجالسهم العديد من أبناء الشعب على مختلف فئاتهم وقبائلهم ومن جميع مناطق ومدن وقرى المملكة العربيَّة السعوديَّة. كما أن أبناء الوطن يقومون بالحضور للمواساة في التعزية ومشاركة أمرائهم أفراحهم وأحزانهم، إنها صور من التلاحم والترابط بين الأمراء ومجتمعهم فتلحظ الحب والأنس والانسجام بين الأمير والمواطن. وكان ذلك هو القاسم المشترك بين أبناء الشعب السعودي النبيل وأمرائه الكرام، مشكّلين بذلك أسرة واحدة داخل مجتمع واحد يضمهم وطن واحد من شرقه وغربه وشماله وجنوبه ووسطه فيلتقون في مجلس واحد تحفهم السعادة والأُلفة والسرور وبكل بساطة وبدون تكلف أو تميز إلا ما يمليه واجب الضيافة والإكرام. فهذا صديق أو زميل وذاك خال أو بينهم نسب والآخر جار وهكذا.
وكانت تلك الحالة ولا تزال بفضل الله منذ قيام هذه الدَّولة الفتية، حيث يقوم الأمراء من آل سعود بمشاركة إخوانهم أبناء وطنهم في حضور مناسباتهم المُتعدِّدة لدرجة أن من لم تمكنه ظروفه من الحضور فإنه يبعث خطابًا أو برقية أو يجري اتِّصالاً هاتفيًّا سواء للاعتذار أو للمواساة في المصاب أو التعزية في الميت ونحو ذلك، بل لقد كان بين الأمراء وأبناء الشعب نسب وصهر منذ مئات السنين فزوج الأمراء من بنات شعبهم وتزوج أبناء الوطن من أميرات البيت السعودي، فلا فوارق تفصل بينهم بفضل الله وكرمه، إن ذلك التواصل الاجتماعي وتلك المحبة والأُلفة والتقارب بين أمرائنا ومجتمعهم السعودي وهذه اللحمة القوية والتلاحم بين الشعب وأمرائه منبع للحب الصَّادق والتراحم التي أساسها الشريعة الإسلاميَّة السمحة التي تدعو إلى أن تكون الرعية محبة لراعيها وأن يكون الراعي قريبًا من رعيته متواصلاً معهم في السراء والضراء محبًا وعطوفًا ورحيمًا على أبناء شعبه. وهذا ما سلكه أمراء وملوك آل سعود الأشاوس بدءًا من الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن آل فيصل - طيَّب الله ثراه- ومن جاء من بعده -رحمهم الله- وإلى وقتنا الحاضر في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله- وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز رمز الوفاء والتواصل وسمو ولي ولي العهد المحبوب الأمير مقرن بن عبد العزيز واخوانهم الأعزاء وكافة الأسرة الكريمة رحم الله من توفي منهم وبارك في أعمار البقية، حيث كانوا على تواصل مع أبناء مجتمعهم في كلِّ مناسبة، فكانت زياراتهم ومشاركاتهم الاجتماعيَّة لها أثرها الكبير في نفوس أبناء الشعب والمجتمع السعودي النبيل.