د. أحمد الفراج
التكفير يعني الردة عن الدين، والردة تعني استحقاق القتل، وهناك دوما أتباع مؤجرين لعقولهم، وينتظر الواحد منهم «فتوى» ممن يثق به، ليرتكب الجريمة، ثم يأتيك، بعد كل هذا، طائفي تخصص في «التكفير»، ويقول: «أنا فقط بينت الحكم الشرعي، ولم آمر بقتل أحد!!»، وهذا تدليس كبير، فالمحرض دائما جبان، ويخشى من السلطة، ولذا فهو لا يقول: «اقتل»، ولكنه يكتب ما يوحي بجواز ذلك!!، وقد كان مثيراً للسخرية أن يتقافز المحرضون من سفينة التأجيج، والتحريض، بعد جريمتي القديح والعنود، فهذا ينكر تغريدته «التحريضية»، والتي تناقلتها الركبان، وذاك يشجب جريمة مسجد العنود، وقبلها القديح، وآخر لم يجف حبر تحريضه بعد، ومع ذلك يشجب الجرائم الطائفية، ولا أدري كيف يستطيع هؤلاء المحرضون أن يتعايشوا مع أنفسهم، ومع محيطهم، مع كل هذا الكم الهائل من «التناقض»، فماذا يريدون بالضبط؟!.
الأمر جد خطير، خصوصا بعد تصريحات لواء الاستخبارات الركن، أبو بكر البغدادي، عن تمدد تنظيم داعش في عدة دول، ومن بينها المملكة العربية السعودية، والمثير للسخرية أنه يراد لنا أن نصدق أن أمريكا، ومعها تحالف دولي كبير، لا تستطيع القضاء على تنظيم إرهابي، معروف تماما موقعه على الخارطة، وحتى يعرف الجميع عاصمته «مدينة الرقة»!!، مع أن أمريكا لوحدها استطاعت القضاء على نظام صدام حسين الشرس جدا، والذي يملك جيشاً عرمرماً تم بناؤه على مدى عقود، وبعقيدة حربية صلبة، وذلك خلال أسابيع!!، وقبل ذلك تم القضاء على نظام دكتاتور يوغسلافيا، وتفكيك إمبراطورية الاتحاد السوفييتي، ولكن تنظيم داعش، المسلح بسواطير وبنادق من مخلفات الحرب العالمية الأولى، وبجنوده الذين لم يمسك معظمهم باروداً في حياته، يستعصي على أعتى قوة عسكرية في التاريخ الإنساني، فيا لهذه القوة الضاربة لتنظيم داعش «العظيم»!!.
هنا يكون التحدي علينا أكبر، فنحن لا نواجه تنظيماً إرهابياً معزولاً، بل تنظيما يستعين بأصدقاء كثر، فتفتيت عالمنا العربي المنكوب، وتقسيمه على أسس دينية وعرقية ليس مخططاً سرياً، بل اطلعنا عليه، وعرفنا أسباب الحرص عليه، فدولة إسرائيل هي عبارة عن دولة دينية عرقية، وسط دول يجتمع تحت سقفها عرقيات، ومجموعات دينية مختلفة، وهو ما يجعلها شبه معزولة في محيطها الإقليمي، وبالتالي فإن الأفضل لها هو أن يتقسم عالمنا العربي إلى دويلات عرقية ودينية، لتكون هذه الدويلات شبيهة بإسرائيل، وبالتالي لا تشعر إسرائيل أنها نبتة شاذة!!، وهنا يتوجب علينا، وقد بلغ أذى داعش عقر دارنا أن نقضي على كل ما له علاقة بداعش، وأولهم المحرضون على «الطائفية» من منازلهم!.
عزيزي السعودي الطائفي: ما هي مصلحتك من نبش التراث، والبحث عن الخلافات بين الفرق الإسلامية، والزج بآراء شاذة تكفر المخالف، وبالتالي تبيح قتله؟!، وهل تعلم بأنك بذلك تخدم تنظيم داعش الإرهابي، ومن وراءه؟!، مع أنك تقول: إن التنظيم خارجي!!، فهل أنت ساذج إلى هذا الحد؟!!، وهل ترغب في أن تكون مملكتنا الآمنة المطمئنة نسخة من العراق وسوريا واليمن، وهل كلفك أحد بهذه المهمة التي تجمع ولا تفرق؟!!، ولم لا تستخدم وسائل التواصل بما ينفع الناس، ويبصرهم، وبقضايا مجتمعك، فما الفائدة التي تجنيها عندما تقول: إن هذا المواطن المختلف كافر، وأنه يجب تسوية مقامات عبادته بالأرض؟!!، وما الفائدة من تأليفك لكتاب كامل، تكفر من خلاله شريحة واسعة من مواطني بلدك؟!!، ونقول لك أيها الطائفي: «الأمر جد، والوطن غال علينا، ومستقبل أبنائنا يهمنا، فالزم الصمت، فالأمر لم يعد يحتمل التلون والمراوغات، ولئن لم تفعل، فلا يراودنا شك بأنك ستكون مجبرا على ذلك، فهل تسمع؟!!».