يوسف المحيميد
منذ نوفمبر 1995 وعلى مدى أكثر من عشر سنوات، تعرضت العاصمة الرياض إلى حوادث تفجيرات إرهابية، استشهد فيها مئات المواطنين، وجُرح الآلاف، وكان من بين ضحاياها أجانب أبرياء، أمريكان وأوروبيون، ولم يظهر من يتهم الحكومة بأنها لم تقم بدورها، وأنها شريكة في الجرم!
صلينا على الشهداء، وواريناهم الثرى، وواصلنا حياتنا اليومية، نقف مع الدولة وندعمها، لشعورنا أن الأزمات تجعلنا نتحد أكثر، شعباً وحكومة، حتى صرنا نطمئن كثيراً كلما تم إحباط مخططات إرهابية قبل أن تكون في موضع التنفيذ، وأصبحنا من بين أكثر الدول نجاحاً في محاربة الإرهاب، وكشف مخططاته.
وقبل أيام، سجلت الكاميرات موقفاً لمواطن من القطيف، نشرته مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يحادث ولي العهد ووزير الداخلية، متهماً الحكومة، بقوله إن الحكومة إذا لم تقم بدورها، فهي شريكة في هذا الجرم، فلم يكن موفقاً في حديثه، برغم انفعاله الذي أشار إليه ولي العهد في رده، وأوضح له أن الدولة تقوم بدورها، وأن أي أحد، كائناً من كان، سيقوم بدور الدولة سوف يحاسب، فالدولة تبقى دولة، وهي التي ستضبط الأمن، ولنكن يداً واحدة مع الدولة.
في كثير من الدول، حتى الدول المتقدمة، تحدث تفجيرات إرهابية، والجميع يعرف تفجيرات المترو في باريس، والإندرقراوند في لندن، وفي بوسطن، ونيويورك، وغيرها، ومع ذلك لم يظهر من يتهم حكومات هذه الدول بأنها شريكة في الجرم، لأنه من المستحيل مراقبة جميع الأماكن العامة في البلاد، أو وضع رجال أمن في جميع مساجد المملكة، بالرغم من أهمية المراقبة الدقيقة للمنافذ الحدودية، والحدود الطويلة جداً، على المستوى الأمني، وأهمية الأمن الفكري وتعزيز ثقافة الانتماء الوطني، وإشاعة التسامح بين أفراد المجتمع، وإذابة كل الاختلافات المذهبية والفئوية والمناطقية تحت قيم المواطنة.
وليس هذا المواطن لوحده من شعر بالانفعال والغضب من هذه الجريمة البشعة، كل مواطني هذه البلاد، ومن جميع مناطقها، شعروا بالصدمة والغضب والانفعال، من جريمة قُتل فيها مواطنون أبرياء في جامع، وأثناء صلاة الجمعة، وطالبوا بسرعة الكشف عن المتورطين ومن وراءهم، وهذا ما كشفته الأجهزة الأمنية في وقت قياسي، ولله الحمد.
علينا أن ندرك أننا اليوم نعيش في عالم مضطرب، فوضوي بامتياز، في منطقة الشرق الأوسط، وهناك من يغيظه استقرارنا وأمننا، ويسعى إلى إثارة القلاقل، والطائفية بين أفراد المجتمع الواحد، وهو ما يجب أن نحذر منه.