د. محمد عبدالله الخازم
أثار افتتاح مستشفى الملك عبدالله للأطفال التابع للحرس الوطني داخلي شجون الفرح والذكرى. ليست الشجون فقط لأن مرجعيته المؤسسة التي انتمي إليها أو بعدي عن أرض الحدث، بالرغم من أنه ليس عيبًا الفخر بالجهة التي انتمي إليها ولها علي واجب التقدير والإعجاب. لكن هذا هو المستشفى الذي حمل اسم الملك الإنسان والصالح عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة. هذا المستشفى تحديدًا نتاج اهتمام من الراحل، ملك الإنسانية. لا يمكن أن أنسى وينسى المجتمع السعودي والعالمي حنانه -رحمه الله- بمداعبة الأطفال في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية حينما كان يزورهم عقب كل عملية فصل توائم أو غيرها من المناسبات. كنت قريبًا من كواليس زياراته المتعددة - كمراقب في أغلب الحالات- من المدينة الطبية وتفاعله وحماسه لفكرة مستشفى متخصص للأطفال. كان يسأل عن التفاصيل ويبارك الجهود، مشجعًا ومحفزًا. كانت إشاراته الواضحة والمتكررة؛ الخير موجود لكن نريد العمل المشرف، نريد مستشفى وفق أفضل المواصفات. بل أجزم أنه لو وثقت المناسبات التي سأل فيها جلالته -رحمه الله- عن هذا المستشفى لخرجنا بمادة وثائقية كانت تستحق العرض في حفل الافتتاح.
عشرات المشروعات ببلايين الريالات أسست في عهد خادم الحرمين الشريفين الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، لكن بعضها كان لها مكانة خاصة ليس لضخامتها ولكن لنوعيتها، وأحسب أن مستشفى الأطفال أحدها، حيث كان يتابع مراحل تأسيسه ويسأل عنه في كل زيارة أو مناسبة تسنح. ولولا هذه المكانة لما سمح بأن يحمل هذا المستشفى اسمه وقد رأيناه ثر ألا يوضع اسمه على العديد من المشروعات الكبرى. رأيناه آثر أخاه خالد بتسمية جامعة عسير باسمه وآثر أخاه سعود بتسمية جامعة الحرس الوطني باسمه وغير ذلك من الأمثلة، التي تؤكد أن هذا المستشفى له منزلة خاصة لديه -رحمه الله-، لأنه المعني بفئة أحبها وحرص على خدمتها، الأطفال المرضى.
رحم الله عبدالله بن عبدالعزيز، فكل فئة تدعي أنه كان صديقها؛ الأطفال بدليل عنايته بمستشفياتهم وبرامج حمايتهم، والشباب بدليل عنايته ببرامج التعليم والابتعاث، والسيدات بدليل تمكين المرأة في عهده، والفقراء بدليل زيارته لأحيائهم، والرياضيون بدليل جوهرة جدة والجواهر الأخرى التي أمر بتنفيذها. -رحمه الله-، فلم استطع مشاهدة أخبار افتتاح مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال دون أن أعرج على ذكراه وتذكر المشاهد التي لا تبرح الذاكرة له مع الأطفال، حينما كان يزورنا بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية.
وتصحب ذكرى الترحم على الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رؤية ملك الوفاء سلمان بن عبدالعزيز يرعى هذه المناسبة، في عز انشغالاته ومسؤولياته الجسام بالذات في هذا الظرف الزمني الذي تمر به المملكة، كوفاء لأخيه الملك الراحل.. سلمان الملك، وعضيد الملوك الذين سبقوه الذي لا يمكن للتاريخ تجاوز لمسات الوفاء منه -حفظه الله- لإخوته الراحلين من ملوك وأمراء. شكرًا ملك الحزم على رعاية افتتاح هذا الصرح الكبير ودعم كل مؤسسات الوطن، بما فيها درع الوطن وسيفه البتار وقت الشدائد بجانب إخوته أفرع القوات المسلحة والأمنية، الحرس الوطني. الحرس الوطني، هذه النخلة الوارفة التي تجاوزت إسهاماتها المهام العسكرية والأمنية، إلى المجالات التنموية المختلفة؛ الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية.
أختم بأن توجيهات الراحل الملك عبدالله، كانت تأتي دائمًا بأن مستشفيات وكليات الحرس الوطني لكل الوطن ولفائدة كافة المواطنين ومستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، لأطفال كل الوطن، الذين ندعو الله أن يكونوا في أتم الصحة والعافية دائمًا.