د. محمد عبدالله العوين
ماذا فعلوا وماذا فعلنا؟!
ماذا قدموا وماذا قدمنا؟!
الإجابة على هذا السؤال القصير الخاطف ستبين عن المصلح من المفسد، والباني من المخرب، والقاتل من المداوي، والخير من الشرير.
لقد بدأت ثورة الخميني ترسل شواظها ولهبها منذ أن اندلعت واستجابت لها فئة من الشعب الإيراني آملة أن تتخلص من استبداد سافاك الشاه وفساد حكومته؛ ولكن الثورة التي كان الشعب يؤمل منها أن تنقذه جرته إلى حفرة عميقة ليس لها قرار وقادته إلى فوضى وحروب وحصار وضنك اقتصادي، وأهدت إليه ديموقراطية مزيفة وترسانة سلاح لإشعال البلدان المحيطة بإيران؛ وبخاصة مجالها الحيوي العربي والإسلامي، أهدت الثورة الخمينية إلى الشعب الإيراني عشرات الآلاف ممن أزهقت أرواحهم تحت التعذيب ومئات الآلاف من المعتقلين الذين لا يعرف عن مصير الكثيرين منهم وملايين المهجرين إلى جهات الدنيا الأربع، وأهدت إليهم مصادرة الحريات، ووزعت عليهم الفقر والبطالة، وأشاعت الفساد الأخلاقي وعشرات الآلاف من مواليد البغاء والمتعة لا يعرف لهم آباء، وسلبت من الأقليات غير الفارسية من الشعوب التي احتلت أراضيهم حرياتهم وتعاملت مهم بتسيد وفوقية؛ لأنها تنظر إلى غير الفارسي سواء كان عربيا أحوازيا أو بلوشيا أو أذريا أو كرديا على أنه من طبقة متدنية، وعلقت على أعواد المشانق من أعلن التمرد أو طالب بالحرية، وساقت إلى السجون من تلك الأعراق والشعوب عشرات الآلاف من المظلومين.
لقد خلقت الخمينيون لدى الشعب الإيراني حالة من الخوف والقلق من المستقبل الغامض، ووضعته في مستوى معيشي متدن على الرغم من الإمكانات الاقتصادية الهائلة التي تزخر بها إيران لو أحسن استغلالها وأطلق عقال الشعب الإيراني ليعمل وينتج بكامل طاقته؛ لا في مجال التصنيع العسكري والاستعداد للحروب؛ بل في المجالات العلمية والاقتصادية والزراعية والبناء والتعمير وتوفير الرخاء.
أما في الخارج؛ فقد أهدت إيران إلى الدول التي وطأتها القدم الخمينية عن طريق وطلائها وعملائها وأذنابها وأحزابها كالعراق وسوريا ولبنان واليمن الحروب والدم والخراب والفقر والفوضى.
ماذا أنجزت إيران في تلك الدول غير النار التي أوقدتها وأكلت الأخضر واليابس؟! كيف كان العراق والشام واليمن قبل عام 1979م وكيف غدت هذه الدول الآن؟!
هل بنى الملالي فيها جامعات أو مستشفيات أو مجمعات سكنية ؟ هل شقوا طرقا أو مدوا سكك حديد ؟ هل شيدوا جوامع أو افتتحوا مدارس أو بنوا ملاجئ أو محاضن ودور أيتام ؟ هل أنشؤوا مراكز عليا للبحث العلمي؟! هل استقطبوا من أبناء تلك الدول نابهين ومتفوقين واحتضنوهم وابتعثوهم إلى بلدان العلم المتطورة ليعودوا إلى بلدانهم حاملي مشاعل علم وتنوير وتحضر؟!
لقد أهدى الملالي إلى المنطقة بديلا عن تلك الأماني الخيرة كل الشرور؛ من الفقر والضياع والتهييج والغوغائية تحت الشعارات الكاذبة المزيفة من مقاومة لم تقاوم وصمود لم يحقق إلا الصراخ والصمت الذليل وقت النوازل والقصف على الصهيوني على لبنان وسوريا وفلسطين.
ولكي تتضح المفارقة الشاسعة بين الصورتين والموقفين؛ الفارسي الخميني والعربي السعودي؛ لا بد من تدوين كلمات موجزة قصيرة عن حقائق تأريخية نعتز بها ولا نمن أو نؤذي؛ لأننا ندفع في سبيل الخير من إيماننا بقيم عربية إسلامية تمازجت وتداخلت مع جيناتنا وكريات دمائنا حتى غدت بعضا منا.
نحن لم نقدم الفوضى والخراب والاقتتال إلى محيطنا العربي والإسلامي، ولم ننشئ الأحزاب العلنية أو المنظمات السرية التي تخطط للتدمير كما فعلت إيران؛ بل أنشأنا البنى التحتية من جامعات ومدارس ومستشفيات ومساكن في غزة ولبنان واليمن ومصر وغيرها، وقدمنا مليارات الريالات معونات لإخواننا العرب بدون من ولا أذى.
لم نقدم الأسلحة، ولم نبعث المجرمين من القتلة ليدربوا أبناء الشعوب العربية على القتل والتفخيف والاغتيال.
أهدينا لإخواننا الحياة والنماء والتحضر، وأهدت إيران للعرب الموت والعجز والتخلف!
وللحديث بقية..