سمر المقرن
أتصور أن الوقت لم يعد يحتمل التأخير عن عمل استراتيجية وطنية شاملة للقضاء على العنف ضد المرأة، تشتمل على العنف الملموس مثل: الضرب والتحرش الجنسي وغيرهما من الأفعال المباشرة التي تمس جسد المرأة. وتشتمل كذلك على مناهضة العنف اللفظي والنفسي الذي قد تلاقيه المرأة في الحياة العامة بسبب جنسها، أضف إلى هذا العنف القانوني الآتي من الأنظمة التي تقلل من شأن المرأة وتضعها في مراتب أقل من الرجل، في حين أن كل الأنظمة الأساسية للبلاد لم يُكتب فيها ما يرمز إلى أي تمييز بل راعت مناداة أفراد الشعب باسم (مواطن) وليس فيها فصل أو عزل بين المواطنين حسب جنسهم.
أعتقد أن عدم وجود خطط واستراتيجيات وطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، وبقاءه في حالة عشوائية هو الافتقاد إلى عمل نسائي مُنظم يقوم تحت مظلة رسمية مثل وزارة أو مجلس لشؤون المرأة، كما نفتقد كذلك إلى مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بحقوق المرأة، وبرغم التطور النسائي في مجالات عدة، إلا أننا ولغاية اليوم لا يوجد لدينا جمعية أو منظمة خاصة بحقوق المرأة، مما جعل أيضًا هذا العمل عشوائيًا ويخرج باسمه من غير المتخصصات في هذا المجال بغية الظهور لا أكثر، وأنا هنا لا أعمم، فهناك أيضًا ناشطات في حقوق المرأة نفخر بوجودهنّ إلا أن انكماش أدوارهنّ أو ابتعاد -بعضهن- عن الساحة وتركها لبعض المرتزقات، هو بسبب وجود فئة في المجتمع تحاول السيطرة على هذه الأدوار وتركها مغلولة وفق شروطهم ولأهدافهم السياسية والحزبية، بمعنى أن هذه الفئة برغم سوئها وسوء النساء التابعات لها، إلا أنهم لا يريدون للمرأة خيرًا بل يريدونها مجرد ورقة يلوحون بها لأهدافهم ويتحكمون بها لإحكام السيطرة في فرض أيدلوجيتهم.
ولأننا فهمنا كل ما يُحاك ضد المرأة فلا بد من إيجاد عمل مؤسساتي منظم، يعمل بشكل حرفي وبأدوات مهنية أتصور أنها باتت متوفرة لدينا بعد تخرج مئات من الفتيات القانونيات اللاتي إلى اليوم يعاني كثير منهنّ من البطالة، أو من العمل في مجالات غير مجال تخصصنّ.
إن إيجاد استراتيجية وطنية للقضاء على العنف ضد المرأة سيبعث لنا روح الحياة المدنية التي تعزز حماية المرأة من كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، أضف إلى هذا أن الاستراتيجية من شأنها أن تضع إضافة إلى التوعية والوقاية بندا خاصا بتعديل السلوكيات الاجتماعية والأفكار التي تساهم بإيجاد أي شكل من أشكال العنف، وتغيير النظرة النمطية لمفاهيم مثل التأديب والقوامة وغيرهما من الأفكار التي أدت إلى تفشي ظاهرة العنف ضد المرأة والتقليل من شأنها.
في نظري أن انضمامنا لاتفاقية مناهضة أشكال العنف ضد المرأة (سيداو) لم يعد كافيًا، بل نحن بحاجة إلى مشاريع مؤسساتية متطورة تدعم وجودنا وتطورنا ضمن المجتمع الدولي، وتساهم أولاً وأخيرًا في حلول جذرية وأساليب وقائية في المجتمع المحلي. أقولها مجددًا، السبل إلى تحقيق هذه الخطوات لا بد أن يكون تحت مظلة رسمية اسمها وزارة المرأة، وخطة استراتيجية واضحة المعالم اسمها الاستراتيجية الوطنية الشاملة للقضاء على العنف ضد المرأة!