جلال الطالب
قرأت خبراً بإحدى الصحف المحلية، مفاده إعلان استقالة مدير عام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل، بعد مرور أربع سنوات من العمل.
قبل أن ألج في محور كلماتي أقدم احترامي للمسرحي عبدالعزيز السماعيل على اعتذاره عن عدم الاستمرار بعد أربع سنوات من العمل؛ فالكثير من المسؤولين يرون في مثل هذه المناصب ملكاً خاصاً، لا يتخلى عنه إلا بطريقتين: الأولى: بخلعه عنوة من المنصب, أو يترك المنصب بعد وفاته. بيد أن السماعيل هنا كسر هذه القاعدة، وتنحى عن المنصب بإرادته واحترم الآخر، وأيقن بعد مرور تلك الفترة أنه لن يقدم شيئاً؛ فترك المجال لإنسان آخر لكي تستمر الحياة.
السؤال: ما الذي حصل للجمعية وفروعها خلال السنوات الأربع الماضية؟ حقيقة، إنني زاملت السماعيل خلال السنة الأولى من عمله، وكان متحمساً للعمل، ولديه مشاريع عدة، منها إيجاد ذاكرة للجمعية، تحفظ منتجاتها الثقافية والفنية، وفَتْح عدد من الفروع واللجان في بعض المناطق الطرفية والمحافظات، لاحتواء أبناء تلك المناطق. وبعد عام ونيف من تولي السماعيل منصبه تغير مجلس الإدارة، وتشكل مجلس جديد في شهر يوليو 2012 ممثلاً بالأستاذ سلطان البازعي رئيساً لمجلس الإدارة خلفاً للدكتور الفنان محمد الرصيص.
من هنا بدأ انحسار السماعيل تدريجياً بعد قدوم هذا المجلس الجديد، الذي أعلن راية بإنقاذ الجمعية في فبراير 2014، بهدف ترشيد المصروفات، والدعوة إلى التقشف، وتقليل المصاريف بقطع نصف المكافآت لجميع المتعاونين من كُتاب ومسرحيين وفنانين، وتوقيف الأنشطة كافة في جميع الفروع، إلا من لديه داعمون مثل فرع الدمام وفرع جدة، ولاسيما أن موازنة جمعية الثقافة والفنون 13 مليون ريال كل عام، فضلاً عن أن التقشف المزعوم لم يطل رئيس المجلس، وتراكمت تذاكر الدرجة الأولى وفواتير الفنادق الفارهة على كاهل الجمعية.
ونحن الآن في منتصف عام 2015، لا أود أن أقول أين ذهبت تلك الموازنة، ولكنني قلتها..!! ولم نرَ إلا أشباحاً من العتمة تخيم على الفروع بجميع المناطق, أو موتاً سريرياً لها بعد تلك الخطة التقشفية الإقصائية, التي خسرت من خلالها الجمعية أعضاء فاعلين وأناساً قد عشقوا الفن حتى الثمالة.
ليخرج لنا رئيس مجلس الإدارة في كل نافذة إعلامية, ويهرطق علينا بكلماته التي تعكس ذهنية فترة السبعينيات، ونحن تجاوزنا تلك المرحلة، وكان أحدها لقاء له في برنامج لقاء الجمعة في مايو 2014؛ إذ قال: «إذا أيقنت أنني فشلت فسوف أستقيل بعد رمضان القادم..!!».
ذهب رمضان، وقدم رمضان آخر, وبقي رئيس مجلس الإدارة متشبثاً بمنصبه، بالرغم من أن كل المعطيات تشير إلى أنه فاشل حد اليقين بإدارته وبخططه المزعومة.