جلال الطالب
عندما تقرأ العنوان عزيزي القارئ يتبادر إلى ذهنك أنها لوحة تشكيلية، وهذا أمر طبيعي؛ لأن أسعار الأعمال التشكيلية تفوق هذا السعر بأضعاف مضاعفة، ولكن ليس ذلك في بلاد العرب، فاللوحة المذكورة بالعنوان هي لوحة سيارة «رقم لمركبة» اقتناها مواطن في إحدى دول الخليج بـ 14 مليون دولار أي مايعادل 52 مليون ريال. فدفعنا بتصرفه هذا إلى التساؤل..
ما الذي يجعل هذا المواطن يشتري هذه اللوحة؟؟.. - مع تحفظي على تسميتها لوحة - بهذا المبلغ مع أنها ليست لها قيمة فنية أو تاريخية؟ ولا خامتها أو معدنها يستحق هذا المبلغ ما يؤكد أن هذا المواطن من بعض الفئات التي يهمها تميز رقم سياراتهم بين المارة في الشوارع، شعور يلهمهم شيئاً من الفوقية؛ ويمنحهم إحساس معين قد ينتهي بنهاية حالة الزهو حينما لا يرى الا القلة من المارة تلفت نظرهم تلك اللوحة عند وقوف السيارة في أماكن تفرضها عليه رغبة اطلاع الآخرين للوحة، ولكن لو قيل له إن هناك مزادًا على لوحات تشكيلية لفنان إماراتي أو عربي أيًّا كان، فهل سيشتري هذا المواطن لوحة تشكيلية بربع مبلغ سيارته؟.. طبعًا لا؛ لأن اللوحة التشكيلية لا توضع على السيارة ليراها كل من بالشارع، بل في منزله، ولا توجد لها قيم ومعايير تتوافق مع قيمه السطحية. إضافة إلى الفارق بين ظاهرة بيع تلك اللوحات التي قد تنتهي اليوم قبل الغد وبين عمل فني تتسابق عليه المتاحف أو يصبح ثروة وطنية.
لماذا لا نؤسس ثقافة اقتناء الأعمال التشكيلية في ظل مباركة من مؤسسات تسوق لنستفيد من هذا المادي بين أفراد المجتمع، بما يوازي هذا المزاد ونطلق حملة تنافس حملة مثل هذه المزادات مع اختلاف الفكرة والمعنى والهدف وما تحمله من سلبيات أكثر من الإيجابيات، وإيجاد بديل عنه مزادات تشكيلية لرفع ثقافة الاقتناء حتى نؤدلج هذه النوعية من البشر أو غيره بأن التميز يكون باقتناء شيء جمالي له قيمة فنية أو تاريخية، وأن نرتقي بذائقة المجتمع إلى هذا الجانب الثقافي والجمالي.