د. خيرية السقاف
مررت خلال سني العمل، والتفاعل بكثير لا يحصى من النماذج المميزة ممن يتقلدون مناصب حيوية فيتفاعلون فيها مع احتياجات الناس دون الإخلال بقيم العمل، وأخلاق المهنة، بسطوة الصلاحيات.، والمكن من القرار..
وهو أمر مبارك لأن الساعي في خدمة الآخر قد وعده الله تعالى بالمثوبة الجزلى.، ويحب الله من يعمل في خدمة أخيه، ويميزه الرسول صلى الله عليه وسلم كما فعل مع المفطرين الذين قاموا على خدمة الصائمين، فقال عليه الصلاة والسلام إنهم ذهبوا بأجرهم..
وهؤلاء يتطوعون، فكيف بمن أنيطت به الأمانة فتصدى لها بإخلاص، آثر على نفسه فحرمها من الراحة، ووظف وقته، وجهده بل هاتفه، وباب مكتبه ليلج إليه كل ذي أمر دون تسويف، أو تصلف، ودون تعالٍ، أو تجنب....؟
فتلك الأسماء لا تبارح الذاكرة ولن يغفلها التوثيق..
أما الآن فنجد بعضهم لا يزالون في مناصب مرافق الدولة الحيوية، ونجد معهم آخرين ممن لا يترددون عن الإجابة على الرغم من أن البوابة الإلكترونية غطت العديد من خانات الحاجة للأفراد، لكنهم عند رنة الهاتف يبادرون، وعن سؤال التائه يجيبون، ما وسعتهم القدرة يذللون، من هؤلاء - وهم كثر أيضًا - نجد في مقدمتهم الدكتور فوزي بخاري المسؤول بوكالة الابتعاث في وزارة التعليم، وحدث عن تفاصيل ما يربك المبتعث والراغب في الانضمام للبعثة والتائه عن إجراءات بتفاصيلها، والسائل عن أمر قد لا يبديه الموقع الإلكرتوني فيتقصده فإذا هو يقظ لكل سؤال، مذلل لأية عقبة، موجه لأي جهل.، رجل المسؤولية في مكانه الذي يستحق أن يشكر فيه على ما يؤديه.. بصمت وصدق وتفانٍ..
كذلك الدكتور مفرج الحقباني وزير العمل الذي هو قريب من السؤال، مجيب عن الاستفسار، متفاعل مع المقترَح، فوري في الرد، من ننتظر منه حلاً جذريًا لكل شؤون الأفراد وآليات فض قضاياهم ملموسًا في الواقع وضمن الإجراءات..
هذان النموذجان في وظيفة حيوية ذات علاقة مباشرة بأكثر شرائح المجتمع وجدتهما متفاعلين بأريحية مع قضايا تخص عملهما، وبمن يقصدهما من أجل قضايا الآخرين...
فأولئك في الذاكرة، وهما ومن مثلهما في الميدان نماذج المسؤولين الذين بمواقفهم، وتفاعلهم، وإخلاصهم، وإيثارهم، وقربهم من أسئلة الأفراد، وحاجاتهم يذللونها ما استطاعوا، لا يغادرون نصاعة الواقع في أبهى صبحه، ولا الذاكرة في أعمق مداها..
وغيرهم بلاريب كثر، كثر، وإن لم يحضروني الآن..
هؤلاء النماذج نتمنى أن ينتشر أمثالهم في مرافق الدولة المختلفة.، يلمعون مثلهم كالضوء حين تعتم اللوحة بمسؤولين لا يجيبون، وبمن فيهم يغلق بابه، وهاتفه، وبريده عن المواطنين من كانوا، ويصعب الوصول إليهم، وتتعثر السبل إليهم، ينسون أن الاتصال بهم لمحض أمر قد يكون عليهم لزامًا التصدي له.، يتجاهلون أن ليس من باب العبث أن يقصدهم قاصد..
الأخيرون هؤلاء لو كنت مكانهم لتنحيت عن المقعد ليستلمه من يهب وقته، وجهده، وهمته للآخرين.،
ففي المجتمع لهم مالهم، وعليهم ما عليهم، لا تفرق بينهم المناصب، بل تطوقهم بأمانتها، وتلزمهم بواجبها..
أحي نماذج الشرف في قائمة النور في مسيرة الوطن.، من ذكرت كنموذج ومن لم أذكر..
أحي كل مسؤول في جميع القطاعات حين يكون قريبًا من السؤال، حاضرًا بالإجابة..،
من يرمي خلفه كل رموز منصبه، ويتجرد للأمانة.، ويتصدى لأمر كل ذي علاقة بها.