فهد بن جليد
هل تصدق أن مجلس الأخلاقيات في الصندوق النرويجي للاستثمار، أوقف استثماراته في التبغ، وقلصها في قطاعات أخرى مثل الفحم وزيت النخيل، لأسباب بيئية، وخفض أسهمه في شركات صناعة الأسلحة النووية، كيلا يتورط في قضايا تنتهك الأخلاق!.
لا شك أن خيرية الأمة الإسلامية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي أخلاقيات التاجر المسلم المُطالب بها ديناً، ولكن مجلس الأخلاق النرويجي طبق (المفهوم) نظاماً، حيث يهدف المجلس إلى التخلص من المستثمر الأسوأ في السوق والأكثر مخالفة، مما يعني تحسين سلوك الشركات العاملة هناك، والرفع من أخلاقياتها، فمتى ما تم استبعاد (الأسوأ) يصبح الثاني هو (الأسوأ) مما يعني أن الجميع سيُغير من حاله حتى لا يكون هو الأسوأ!.
بكل تأكيد سيخرج علينا من يقول نحن لا نحتاج مجلس أخلاق تجاري أو استثماري يذكرنا بالأخلاق، فديننا هو المحرك الأول للأخلاق، وأخلاقيات التاجر المسلم دين.. إلخ، ولكن الواقع يقول إن التاجر، والعامل، والموظف، والطبيب، وغيرهم، يحتاجون التذكير بأخلاقيات كل مهنة!.
إذا كان منع المنكر لدينا دينًا، فإنه عند الغرب قانون، وإن اختلفت مسطرة ومعايير الممنوعات والمخالفات بيننا وبينهم، مما يتطلب البحث بصدق، عن محرك المقبول والمرفوض في أخلاقنا، وفقاً لمنهج الشريعة الإسلامية، والنظام في مجتمعنا!.
في حديث معاذ بن جبل لخص الرسول صلى الله عليه وسلم أخلاقيات التاجر عندما قال (أطيب الكسب كسب التجار، الذين إذا حدثوا لم يكذبوا.. الحديث) في صدق الكلام، وصحة الأمانة، وعدم الغش والخيانة، وإخلاف الوعد، أو المبالغة في مدح المنتج، والتسليم والاستلام وفق المواعيد!.
إذا كان الطب تجارة كما نشاهد في بعض المستشفيات الخاصة، فلنتذكر أن للتجارة أخلاقًا، حتى عند غير المسلمين!.
يُقال إن طبيباً عربياً نسي سماعة (هاتفه الجوال)، أو ما شابه ذلك في بطن امرأة، بعد إجراء عملية قيصرية لها، البلد الشقيق الذي أثيرت فيه الضجة حول الحادثة، يقصده الكثير منا للسياحة الطبية، لأن أسعاره أرخص، و(تجاره) عندهم أخلاق!.
لو كان لدينا مجلس أخلاقيات مثل (النرويج)، لمُنح صاحب الجوال لقب (التاجر الأسوأ»؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.