فهد بن جليد
مُنذ أسبوع وأنا أراسل شركة خاصة في الصين، للبحث عن وظيفة، صحيح المنافسة صعبة مع (مليار ونصف) نسمة، لكنني اكتشفت مؤخراً أن (المديرين الصينيين) تغيروا كثيراً، وأصبحوا أكثر لطفاً عن آخر زيارة لي إلى هناك قبل نحو 10 سنوات ؟!.
كنت فيما مضى أحمد الله أن مديري (ليس صينياً)، وأنا أرى الموظفين في الصين يُعَاملون معاملة الجيش، انضباط تام في الحضور والانصراف، صرامة في طريقة العمل، حتى أن الموظف الصيني يتناول الغداء في موعده المحدد - ماء حار ومعكرونة مُجففة - وهو يتفاوض مع زبون، بينما المدير في مجتمعنا يهرب مع موظفيه لأكل (ساندويتش فلافل)، ولحسة (فول وكبدة) بعيداً عن أنظار المراجعين، الذين ينتظرون انتهاء الاجتماع المنعقد في مختصر سعادته ؟!.
هل المدير السعودي (مخلوق فضائي) ؟!.
بدأت أشك في ذلك وأنا أقرأ ما يقوله أحد الأكاديميين بأن «المدير السعودي له خصائصه وصفاته التي تجعله يتميز عن غيره من المديرين، لأنه يعيش في بيئة مختلفة ومتغيرة، إذ يلزمه الإشراف العام والابتعاد عن التفاصيل»، يبدو أن (عقدة المدير) مُلازمة لنا في المجتمع، وكأن السعودي مستعد للعمل (مدير) حتى لو لم يستلم راتباً؟!.
الآن عرفت لماذا يناديني بعض العمال في الأسواق (صديق.. مدير)؟ يبدو أنهم اكتشفوا كم نحن بسطاء، فكلمة (مدير) تجعلنا نشعر بالرضى النفسي!.
وهنا أذكر أن أحد مطاعم الوجبات السريعة كان يبحث عن (موظفين سعوديين)، فكان الإعلان كالتالي (ابدأ معنا موظف براتب 4500 ريال، وخلال سنة تصبح مديراً)!.
أعود بكم لموضوع الصين، فعلى كثرة (المليارديرات) الذين جلست معهم، وحاورتهم، وحتى (المليونيرات) الذين عملت معهم - اللهم لا حسد - لم أشاهد مثل المدير الصيني المطنوخ (لي جين يوان) الذي اصطحب معه الأسبوع الماضي أكثر من 6400 موظف - يمثلون نصف موظفي شركته - لقضاء إجازة وعطلة 4 أيام مدفوعة التكاليف في فرنسا، مكافأة لهم بمناسبة مرور 20 عاماً، على تأسيس أعمال الشركة بين فرنسا والصين !.
الرحلة كلفته نحو 13 مليون يورو، استأجر خلالها 140 فندقاً (بباريس)، وحجز سبعة آلاف مقعد في القطار السريع، هذا المدير اللي يستاهل كلمة (مدير) فعلاً، حنا خدمة 20 سنة، حدنا (الاستراحة) مع المدير، لا.. وقطة بعد !.
وعلى دروب الخير نلتقي.