محمد بن فهد العمران
في الأسبوع الماضي، حصل جدل كبير مع ورود أنباء عن نية شركة اتحاد اتصالات (موبايلي) بيع أبراج الاتصالات الخاصة بها ثم حسمت الشركة هذا الجدل بالإعلان رسمياً عن صحة هذه الأنباء و أنها في مرحلة دراسة فكرة إمكانية بيع أبراج الاتصالات لكن لم يكن هنالك أي اتفاق حتى الآن و بالتالي لم تستقر الشركة على تحديد الأثر المالي بعد، و هذا أمر طبيعي بحكم أنه موضوع إستراتيجي يحتاج إلى وقت طويل للتخطيط ثم للتنفيذ إلا أن المهم أن الشركة لم توضح للجمهور الكريم لماذا تفكر ببيع أصولها؟ و ماذا ستفعل بعد ذلك؟
هنا اسمحوا لي أن أوضح أن كبريات الشركات العالمية اليوم والتي تتركز معظم أصولها على شكل أصول ثابتة (مثل المصانع و شركات الطيران و النقل البحري و العقار و الإتصالات إلخ) تقوم ببيع أصولها الثابتة إلى مستثمرين ثم تقوم بإعادة استئجار هذه الأصول منهم مقابل حصولهم على دخل ثابت من التأجير لفترات زمنية طويلة جداً بواسطة عقود ملزمة على الطرفين تتضمن شروطا جزائية و بمبالغ مرتفعة في حال إخلال أحد الأطراف بالعقود، و هذا المفهوم في حقيقة الأمر هو أحد المفاهيم الاحترافية في علم الإدارة المالية والمطبق اليوم بشكل واسع في عدد كبير من الدول المتقدمة و بعض الدول الإقليمية.
تقوم فكرة البيع ثم إعادة الاستئجار ((sale and lease back على أن الاحترافية في إدارة أصول أي شركة تستوجب تحويل أصولها الثابتة إلى سيولة نقدية كببرة يتم استثمارها في الأنشطة الرئيسية بشكل أفضل بهدف تعظيم العائد الاستثماري للمساهمين بدلاً من تجميد هذه الأصول الثابتة ضمن القوائم المالية، و لهذا السبب أعتقد أن شركة موبايلي في حال إقرارها هذا الأمر فإنها ستخطو خطوة متقدمة في إدارة أصولها الثابتة (من ممتلكات و معدات) و التي تبلغ قيمتها اليوم أكثر من 24 مليار ريال تمثل نصف قيمة أصول الشركة البالغة نحو 47 مليار ريال، و هنا تأتي اهمية تحويل هذه الأصول (أو بعضها على الأقل) إلى سيولة نقدية تساهم في تمويل التوسعات المستقبلية للشركة.
بشكل عام، أعتقد أن تطبيق «البيع ثم إعادة الإستئجار» اليوم في الشركات السعودية يتم ضمن نطاق ضيق جداً لا يتعدى قطاع الطيران والعقار، إلا أنني أتوقع شخصياً أننا في المستقبل القريب سنشهد توسع كبير جداً في تطبيق هذا المفهوم الذي حتماً سينظر إليه على أنه قناة تمويل جديدة و مهمة (إن لم تكن الأهم مقارنة ببقية القنوات التمويلية) للشركات التي تتركز أصولها في أصول ثابتة، وربما نشهد جهات حكومية (في قطاعات الصحة و التعليم مثلاً) تتجه في نفس الاتجاه فيما لو توسعت الحكومة في تبني مبادرات الخصخصة على المدى الطويل و الله أعلم.