يوسف المحيميد
في قمة كامب ديفيد التي ارتكزت على محاور ثلاثة هي: التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الإقليمية، التي تأتي التدخلات الإيرانية وأطماعها التوسعية في العالم العربي على رأسها، يبرز السؤال الأهم، الذي يعتمد على طموح القمة في إنشاء علاقات طبيعية بين دول الخليج وإيران، هل يمكن أن تتوقف إيران عن تدخلاتها المثيرة للقلق في معظم الدول العربية؟
لعل أهم ما يشيع الأمل في تهدئة المنطقة، ويعيد إيران إلى صوابها، أن هذه القمة تأتي في وقت التحالف العسكري العربي، والعمل العسكري لقوى التحالف، خلال عاصفة الحزم، العمل السياسي والدبلوماسي في اليمن مع عملية إعادة الأمل، بالإضافة إلى الدور الإنساني الخليجي في اليمن مع إعلان الهدنة، كل ذلك يحدث مع نكسات واضحة يتعرض لها مؤخرًا نظام الأسد في سوريا، وحليفه الإيراني حزب الله، فضلاً عن تقليم أظافر الحوثي والانقلابيين في اليمن!
منتجع كامب ديفيد الذي وضع ذات نهار في سبتمبر 1978 بنود سلام بين مصر وإسرائيل، في اتفاقية هي الأكثر شهرة وجرأة في التاريخ السياسي العربي الحديث في القرن العشرين، يمكن أن يضع أساسًا جيدًا لوضع العلاقات الخليجية الإيرانية موضعًا طبيعيًا، وتوفير الضمانات التي من شأنها جعل إيران تكف عن تهديداتها، والتحول كدولة جارة منشغلة في شؤونها الداخلية، دون التدخل في شؤون الغير، والتوقف عن الاستفزاز الذي تمارسه قبل أن يكتمل مشروعها النووي، فكيف إذا أصبحت فعلاً تمتلك السلاح النووي؟
برغم ما حققته عاصفة الحزم من عودة الأمور إلى نصابها، وشعور المواطن الخليجي والعربي بشكل عام، بالثقة والاعتداد والكرامة، وقدرتنا على حماية أنفسنا إذا لزم الأمر، إلا أننا ندرك أن العمل السياسي والتفاوضي هما عملان لا يقلان أهمية عن العمل العسكري، لكنهما لا يجلبان نتائج جيدة ما لم يكونا مصحوبين باستخدام القوة، الذي تمثل بتلبية نداء الشرعية في اليمن.
ويبقى السؤال المهم، كيف تستطيع أمريكا في هذه القمة إقناع دول الخليج وطمأنتها بشأن الملف النووي الإيراني، بينما يردد الرئيس الأمريكي بأن إيران تقوم بتصرفات تسفر عن زعزعة استقرار دول مختلفة، وأنها دولة راعية للإرهاب؟ كيف يمكن أن تقنع أمريكا الخليجيين بحرصها على الاستقرار الإقليمي، والسلام في المنطقة، برغم سعيها للاتفاق النووي مع إيران، مع أنها دولة راعية للإرهاب كما في الوصف الأمريكي.
أعتقد أن ثمة تناقضات في الموقف الأمريكي، وعدم وضوح أحيانًا، وربما غالبًا شعور بعدم الثقة والجدية لدى الأمريكان، أو تذبذب في مواقفهم، خاصة مع إدارة أوباما، وهو ما قد يتأكد، أو يثبت عكسه ما بعد كامب ديفيد!