يوسف المحيميد
ما زلت أتذكر العبارة التي قالها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لوزير البترول والثروة المعدنية بعد تقلد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة، بأن الملك سلمان أنجز في عشرة أيام ما ينجزه القادة الجدد في مائة يوم، فما عساه أن يقول الآن بعد مرور مائة يوم فعلاً؟
لقد مررنا فعلاً بتحولات سريعة، وتغييرات وزارية واسعة، وحتى على مستوى المناصب القيادية في الدولة اتجهت أوامر الملك بشكل واضح إلى تمكين الشباب من قيادة دفة الدولة؛ ما انعكس واضحاً على العمل النشط الدؤوب في مختلف المجالات. صحيح أننا لم نزل نعاني في كثير من القطاعات، لكن الرغبة الصادقة والإرادة الواضحة تثبت أننا نسير في الطريق الصحيح. فبعد إلغاء المجالس العليا المختلفة تم إنشاء مجلسين، أحدهما للشؤون السياسية والأمنية، والآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية. وخلال الاجتماعات الأسبوعية للوزراء المختصين في مجال الاقتصاد والتنمية - على سبيل المثال - أصبحنا نسمع نقداً لاذعاً من الوزراء أنفسهم، وأصبحنا نسمع خلال حواراتهم الإقرار بوجود الرشوة والفساد.. وكل هذا مؤشر جيد للبدء في مرحلة الفعل، والتدخل لوقف الفساد، وخفض معدلاته إلى أقل درجة ممكنة؛ إذ يقاس تقدم الدول بانخفاض معدل الفساد فيها.
لم يعد كرسي الوزارة - أي وزارة - وثيراً كما في فترات سابقة، ولم يعد أي وزير يجلس على هذا الكرسي باطمئنان وضمانة كبيرة، ولسنوات طويلة، كما كان يحدث سابقاً، وإنما أصبحت الضمانة الوحيدة هي المنجز، وما يقدمه الوزير لوطنه، وللمواطن بالدرجة الأولى؛ لذلك فإن أي إهمال في أداء العمل، أو تراخٍ يؤدي إلى نتائج سيئة، أو التعالي والتجاوز على مواطن، سيقود هذا الوزير أو ذاك إلى خارج الوزارة ببساطة، حتى ولو لم يكمل شهراً واحداً في الوزارة!
كل ما حدث حتى الآن يؤكد أننا كنا بحاجة إلى الحسم والحزم في كثير من القضايا الداخلية والخارجية.. كنا بحاجة إلى عمل إداري خلاق في الداخل، وتجديد الدماء، وبث روح الشباب على مختلف المستويات الإدارية.. وها نحن نتقدم شيئاً فشيئاً، وبثقة كبيرة.
كنا أيضاً بحاجة إلى استعادة وجودنا وهيبتنا الإقليمية في الخارج، وها قد تحقق لنا شيء من ذلك، والأيام القادمة ستقدم لنا الكثير بإذن الله.
ولعل أكثر ما في الأمر من صلابة وقوة وثقة أن ما تحقق خلال المائة يوم من استلام خادم الحرمين الشريفين لمقاليد الحكم جاء في وقت تعاني فيه السوق البترولية الدولية من انخفاض الأسعار عما كانت عليه معظم أشهر العام الماضي 2014، ومع ذلك تدار الأمور بشكل سلس ومنطقي، يراعي هذه التحولات والظروف الاقتصادية، دون أن يؤثر على الحالة الاقتصادية في الداخل، أو على المستوى المعيشي للمواطن، ودون أي إجراءات تقشفية طارئة كما تفعل كثير من الدول في حالات اختلال دخلها وانخفاضه.