علي الصحن
للموسم الرابع على التوالي يخرج الهلال من الدوري السعودي صفر اليدين، وفي كل مرة يردد الهلاليون موسم للنسيان، وبعيداً عن أخطاء التحكيم الواضحة الجلية التي تسير في مجرى واحد، فإن على صُناع القرار الهلالي أن يعيدوا فتح ملفات النسيان الأربع، وسيجدون - وبعيداً عن العاطفة والبحث عن الأعذار- أن هلال اليوم ليس هلال الأمس، وان الأخطاء تتوالى فيه بشكل غريب، وأن الخطأ يعالج بخطأ آخر مما أدى إلى فقدان البطولات تباعاً، وأعيد وأكرر دون أن نغفل أخطاء التحكيم في معظم المناسبات، بيد أن البحث عن الأعذار واختزالها في نمط معين لن يفيد ولن يعيد الهلال.
على سبيل المثال: خلال المواسم الأخيرة كان الفريق يخسر فرصة السباق على اللقب في الأمتار الأولى سواء مع توماس دول أو مع كومبواريه أو الجابر وأخيراً ريجيكامب، وكان يخسر مباريات في متناول اليد ونقاطاً لا يُقبل أن يفرط فيها فريق يبحث عن اللقب وليس مجرد المنافسة، وعندما يتقدم المنافس ويبدأ الهلال ركضه الجاد يكون الأمر قد حُسم نوعاً ما، الأمر الذي يوتر الجماهير واللاعبين ويزيد من الضغوط وفي النهاية تكون كل الانتصارات الأخيرة عديمة القيمة في المنافسة.
من يريد أن يحقق اللقب عليه أن يجد في العمل من البداية، وأن يجمع النقاط التي تريحه عندما يقطع نصف المشوار وتخفف من الضغوط عليه فيما لو تعثر في الأمتار الأخيرة، ومن يريد اللقب لا يخسر من العروبة ويتعادل مع هجر والفيصلي، ومن يريد اللقب عليه أن يركز في تعاقداته المحلية والأجنبية ولاسيما في الفترة الصيفية التي تعد فترة الصناعة الحقيقية للفريق، لكن الهلال في السنوات الأخيرة لم يفعل ذلك، فزادت الضغوط من كل جانب، وعندما تأتي الفترة الشتوية وبدلاً من البحث عن الأفضل وتجديد الدماء، يكون العمل على تصحيح الأخطاء ومعالجة المشاكل... ثم ماذا: قد يكون العلاج عن طريق التعاقد مع لاعبين من نوعية سماراس، مما يزيد الطين بلة ويجعل مع العلة علة.
حتى يعود الهلال لتحقيق الألقاب على القائمين عليه أن يتركوا البحث عن الأعذار وأن يدركوا أن فريقهم بحاجة إلى غربلة شاملة، وتجديد متواصل للدماء، وإبعاد كل الأسماء التي قالت مرة وعشراً ومن خلال الفرصة تلو الأخرى أنها لن تضيف شيئاً ولن تقدم مختلفاً، فقد قدمت كل شيء.. وحان رحيلها من أجل مستقبل الهلال.
وحتى يعود الهلال للبطولات على صناع قراره أن يبحثوا عن مهاجمين مختلفين، فمهاجمو الفريق اليوم ليسوا من سيقوده للبطولات وإن فعلوها وقادوه للفوز في مباراة أو ثلاث فإنهم عندما يشتد الوطيس يذوبون في صفوف الفريق ولا يظهر لهم أي تواجد.. وهذا الموسم على الأقل أين كانوا في النهائي الآسيوي ونهائي كأس ولي العهد ومباريات الحسم في الدوري؟.
لقد رددت وردد غيري أن الهلال بحاجة إلى مهاجم حقيقي يعرف كيف يحسم أمور الفريق، وقلنا: إن الضرورة تقضي بوجوب البحث عن لاعب أجنبي يصنع الفارق، وأن الهلال عندما كان يحقق البطولات القارية والمحلية كان يملك لاعبين أجانب يتولون المهام الصعبة بجانب نجومه المحليين العظام من طينة سامي ويوسف.
والهلاليون مطالبون بقراءة قائمة البدلاء في فريقهم والإجابة بصدق: هل هم بمستوى الأساسيين وهل لدى المدرب خيارات إضافية حقيقية يمكن أن يستعين بها أثناء المواجهات.. وسقى الله أياماً كانت فيها قائمة البدلاء الهلالية تضم الثنيان والجمعان والتيماوي والغشيان...فأين ذلك الزمن من حال الهلال اليوم؟.
والهلاليون يجب أن يدرسوا ملفات إدارة الكرة في ناديهم.. وهل قامت بعملها على الوجه الصحيح؟؟ وهل نفذت الدور المفترض منها كما يجب؟؟ فالواقع يقول: إن ثمة ما يشي بتقصير هذه الإدارة ومن ذلك مثلاً:
- جدولة الدوري وإقامة مباريات في أيام قريبة من مباريات الفريق الآسيوية دون أن تطالب بالتعديل كما روت لجنة المسابقات في حينه.
- عدم اتخاذ قرارات بديهية مثل النوم في المعسكر عشية السفر إلى إيران لمواجهة فولاذ، حتى يكون الاستعداد للسفر مناسباً وضمان وجود جميع اللاعبين وعدم تخلف أحد كما حدث مع العابد.
- البقاء في المطار لساعات طوال من أجل السفر إلى القصيم لمواجهة التعاون وقد كان مناسباً وفي ظل ظروف الطيران اتخاذ قرار السفر عن طريق البر خاصة وأن المسافة ليست بالبعيدة كما أن الفريق يسافر إلى مسافات مماثلة براً في غالب الأحيان.
- عدم انضباط بعض اللاعبين داخل الملعب وخارجه كما حدث من سالم بعد مباراة النصر الأخيرة.
مر زمن طويل كان الهلال فيه مضرب المثل في كل شيء: كانت مشاكل الهلال لا تتعدى دائرة ضيقة في النادي، لم يكن جمهور الهلال يخرج لاستقبال لاعب يرى أن عودته أهم من بطولة، لم يكن هناك خلافات لمجرد اختلاف في وجهات النظر، لم يتفرغ لاعبو الفريق للتصاريح ومواقع التواصل الاجتماعي، لم ينشغل لاعبوه بغيره، ولم يلاحق محبوه أمراً ليس للزعيم علاقة به، ولم تنشغل جماهيره بتيفو وما تيفو ولا بحملات تعبئة لم تكن لها قيمة يوم كان المشجع يحضر من أجل الهلال ومتعة مشاهدة الهلال.
بعض التفاصيل الصغيرة قد لا يلتفت لها أحد لكنها في النهاية تكون حجرة عثرة أمام الفريق، وربما تسهم دون أن يشعر بها أحد في مصادرة حقوقه.. وعلى كل حال فواقع الهلال اليوم يحتاج لعمل جبار يعيد زمن الفريق الجميل، والحلول السريعة لن تحقق الثمار المنشودة.. وقبل ذلك كله يجب على صناع القرار العمل قبل كل شيء على اختيار صانع القرار الأول في السنوات الأربع.. وهذا أمر مؤرق للهلاليين الذين يؤرقهم الكثير هذه الأيام.