علي الصحن
يبدو أن البعض قد فهم هامش الحرية المتاح في الخطاب الإعلامي الرياضي بشكل خاطئ، والمشاهد للقنوات الرياضية هذه الأيام يدرك ذلك جيداً، والغريب أن القائمين على البرامج الرياضية من معدين ومذيعين لم يدركوا ذلك، أو أنهم أدركوه ولم يقدروا على كبح جماحه، أو أنهم أدركوه وباركوه وجعلوه ديدنا لبرامجهم من أجل كسب المزيد من ردود الفعل والشهرة وحديث الناس!!
ما يحدث في بعض البرامج تجاوز حدود المعقول، وللأسف فإن بعض ضيوفها الدائمين يصر على الخروج عن النص دون مبرر ولا حاجة، ويصر على تجاوز كل الخطوط من أجل إقناع الناس برأيه حتى وإن كان يقول: إن الشمس تشرق من الغرب، وبعضهم لا يستطيع ضبط أعصابه ولا التحكم في عواطفه، فيبدأ برمي شرر تعصبه يمنة ويسرة، وكأنه يتكئ في استراحته وبين خاصته، دون أن يدرك أنه يتحدث عبر وسيلة إعلامية مشاهدة في الداخل والخارج، وبعضهم يصر على أنه الفاهم الوحيد والمدرك الوحيد والمحاور والوحيد فيسفه كل الآراء، ويرمي بكل النصائح، ويركل كل حدود الحياء والحياد، دون احترام على الأقل لأبنائه وذويه وما يجدونه من إحراج عندما يقال: إن عائلهم أو ابنهم هو من كان (يحرج).. أقصد يتحدث في البرنامج الفلاني البارحة!!
في الآونة الأخيرة، تحول معظم من يتجولون في البرامج الرياضية الفضائية من نقاد ومحللين مفترضين، إلى محامين عن أنديتهم، والأغرب أن بعض البرامج التي يفترض أن تكون مكانا للمهنية وتعليم ضيوفها لأصولها ومبادئها، قد ركبت الموجة، وصارت تستضيف بعض الأسماء من أجل الحديث عن قضايا ناد معين فقط، وهو ما يفقدهم ويفقدها معهم ثقة المشاهد الحصيف الباحث عن الفائدة وليس الصراخ وتبادل الشتائم على رؤوس الأشهاد!!
بعض القائمين على البرامج الرياضية يظن أنه الإعلامي الوحيد في البلد، ويضع لنفسه مكانة لا يراه بها أحد، وبعضهم كانف الستين، وما زال يدير الحوار الرياضي بين ضيفين متعصبين بطريقة المراهقين وبفوقية مقيتة تكشف ضعف تعليمه وتأهيله وقدراته، وأن وصوله إلى هذا الموقع ليس نتاج موهبة أو إمكانيات، بل لمجرد كونه وصولياُ يلعب على كل الحبال، ولا يهمه ما بعد ذلك، لذا ليس منتظراً منه ومن مماثليه أي دور في إصلاح البرامج الرياضية وتوجيهها الوجهة الصحيحة التي تخدم الرياضة وتسهم في إصلاح وضعها، وليس مؤملاً منهم إدارة الحوار بشكل مهني صرف بدلاً من تقديم الحجارة لضيوفه من تحت الطاولة ...ثم يسألهم لماذا تتراشقون بها!!
إن حال بعض البرامج الرياضية وضيوفها عصي للغاية، وليس من أمل في أن تثوب إلى رشدها وتدرك دورها وتترك أسلوب الإثارة الرخيص الذي تمارسه بشكل ممجوج، وما من شك أن المسئولية تقع بالكامل على ملاك هذه القنوات والقائمين عليها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن أصبح رمي التهم على قارعة الطريق رخيصاً للغاية، وأصبح من السهولة بمكان شتم طرف بعيد لا علاقة له بما يدور من نقاش وإدخاله في المعمعة دون أن يقول لهم أحد لماذا!!
القنوات المتخصصة وغير المتخصصة أمامها مسؤولية كبرى في إصلاح الشأن الرياضي والمساهمة في نهضته، وعليها أن تتصدى لهذه المسؤولية بكفاءة وشجاعة، أو أن تترك الأمر لأهله بلا تأجيج ولا تعصب ولا نحو ذلك.
عندما كان منتخبنا الأول ومنتخباتنا السنية تسيطر على بطولات القارة وتصل إلى البطولات العالمية وتنافس بقوة على كل الألقاب، وعندما كان لأنديتنا حضورها القوي في الداخل والخارج، وعندما كان نجومنا هم الأفضل، كان الإعلام الرياضي المقروء والبرامج التلفزيونية والإذاعية المحدودة تمارس دورها بكفاءة لذا ظلت شريكة في كل الإنجازات وكان كل مسئول يشير لها بالبنان، في تلك الأيام لم يكن الإعلام يخلو من التعصب، لكنه كان تعصباً بحدود ..وليس تعصباً للرأي وشتماً للآخر وتسفيهاً للثالث ...كان الإعلام يتعصب ويختلف على الأندية لكنه كان يتفق على المنتخب وعلى نجوم الوطن ...فأين كان الإعلام وكيف صار بعد أن دلفه خريجو المنتديات وأصدقاء الاستراحات، وعديمو التأهيل والمهنية.
منتخبنا ...هذا هو الحال!!
وقع المنتخب السعودي في التنصيف الآسيوي الجديد في المستوى الثاني بجانب منتخبات عمان، قطر، الأردن، البحرين، فيتنام، سوريا، الكويت، وذلك قبل قرعة الدور الثاني من التصفيات الآسيوية المشتركة والمؤهلة لكأس العالم 2018 م في روسيا وكأس آسيا 2019 م في دولة الإمارات، ومن نافلة القول وإن رأى البعض خلاف ذلك، أو حاول التقليل من تأثيره، أن وقوع الأخضر في المستوى الثاني أمر مؤلم لمنتخب كان سيد القارة وسفيرها لعقد ونصف من الزمان في المونديال، ومن نافلة القول أيضاً أن تراجع الأخضر ليس إلا امتداد لتراجعه في التصنيف العالمي إلى ما دون المائة أحياناً وخلف منتخبات كانت تحلم باللعب معه!!
مؤلم محزن حال الأخضر وهو يخسر البطولة تلو الأخرى، ويودع المنافسات مبكراً كما حدث في النسختين الأخيرتين من بطولة آسيا ويخرج من سباق المونديال دون أن يبلغ الهدف، وما يزيد الألم ويذر الملح على الجراح الرطبة أن لا بوادر حقيقية لعودة المنتخب تلوح في الأفق، ودعك هنا من الوعود والأمل المعقود، فما نراه في الحقيقة يخالف الأحلام تماماً... للأسف.
وعدنا اتحاد الكرة الحالي بالمركز الأربعين على مستوى العالم... وبقي أقل من سنتين من عمر الاتحاد إن كتب له البقاء حتى نهاية فترته الرسمية، فهل سيكون قادراً على الوفاء بوعد قطعه على نفسه، ولم يلزمه به أحد... إنا لمنتظرون!!