د. فهد صالح عبدالله السلطان
لماذا هذا الزخم العالمي لريادة الأعمال ولماذا تتبنى الأربعين جامعة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية مفهوم ريادة الأعمال؟ وهل يمكن أن يكون من قبيل الصدف أن تتضمن 85 في المائة من برامج ماجستير إدارة الأعمال MBA في الولايات المتحدة مواد لتدريس ريادة الأعمال؟
تشير دراسة أعدها الأستاذ الدكتور أحمد الشميمري إلى أنه في العام 2005 أصبح لدى حوالي 80 في المائة من جامعات أمريكا مراكز ريادة بمسميات مختلفة.
لعل الغرابة حول ماهية الزخم لريادة الأعمال تزول إذا علمنا أن مشروعات رواد الأعمال توظف قرابة 60 في المائة من إجمالي قوة العمل وتشكل ما نسبته أكثر من 90 في المائة من المشروعات الاقتصادية على مستوى العالم، وتسهم بنسبة تقارب 40 في المائة من الصادرات العالمية.
كما تسهم مشروعات رواد الأعمال الصغيرة بما يزيد عن 50 في المائة من إجمالي المبيعات الكلية العالمية. وتسهم بما نسبته 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي وتصل هذه المساهمة إلى 62 في المائة في فرنسا و43 في المائة في كوريا الجنوبية و56 في المائة في تايوان و60 في المائة في الصين و70 في المائة في هونج كونج.
والأهم من ذلك أن مشروعات رواد الأعمال الصغيرة تسهم في عملية الابتكار أكثر من الشركات الكبيرة ما بين 13-14 مرة، وقد حققت الدول التي تبنت هذا النموذج نجاحًا كبيرًا استطاعت به أن تضاعف نتاجها الإجمالي بنسب تتفاوت بين 50 إلى 70 في المائة.
سألني شاب في مقتبل العمر الاثنين الماضي عندما دعيت كمتحدث رئيس في منتدى ريادة الأعمال الذي أعدته مشكورة جامعة حائل، سألني هل هناك من جهة معنية بتبني رواد الأعمال في المملكة لأتمكن من مراجعتها والإفادة من مما لديها من دعم.
أخبرته بأن بإمكانه التواصل مع البنك السعودي للتسليف والادخار فهو الجهة الأقرب للدعم وخصوصًا المالي. ولكن اجابتي كانت ناقصة نظرًا لأنه لا يوجد بالفعل جهة حكومية تمثل المظلة الرئيسة لرواد الأعمال أو للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
وتنبع أهمية ريادة الأعمال وتبني المشروعات الصغيرة من أن فائدتها متعدية لا لازمة لأن المبادر يوظف نفسه ويوجد فرصًا وظيفية لغيره.
ونظرًا للتوجه الواضح لدى الشباب والشابات في المملكة للمبادرات وللمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بما فيها تلك التي تدار من المنزل التي تتناسب مع ظروفنا الاجتماعية وما قدمته التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي من تسهيلات في مراحل الإنتاج والتسويق (مجتمع الواي فاي).
وانطلاقًا من العناية التي يحظى بها هذا القطاع من قبل قيادة هذا البلد الكريم التي تؤكدها مضامين الخطاب التاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إبان توليه الحكم، واهتمامه -أيده الله- بالمبادرين وصغار المستثمرين، فإنني أمل من الجهاز التنفيذي إيجاد كيان حكومي مستقل يقوم على تبني وتشجيع ودعم المبادرين والمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر (micro) فهي بلا شك الموظف الرئيس للشباب والشابات وهي عماد الاقتصاد ومحوره.
سدد الله الخطى وبارك الجهود..