د. فهد صالح عبدالله السلطان
كتبت في الأسبوع الماضي عن الأسباب الرئيسة وراء ارتفاع أسعار العقار وأنها تعود لعدة أمور، تم طرح أحد عشر سببا رئيسا منها. وقد تلقيت عددا من رسائل القراء تطلب مني مناقشة الحلول المقترحة بشيء من التفصيل.
وأود التذكير هنا بأن انخفاض أسعار الأراضي السكنية وإن كان أمرا هاما ويصب في اتجاه توفير السكن إلا أنه ليس كافيا لحل أزمة الإسكان التي تشغل بال الراعي والرعية. وهذا يعني أن الأمر يتطلب اتخاذ خطوات عملية ومبادرات قابلة للتنفيذ لتحقيق لهدف الأساس وهو حل أزمة الإسكان.
وحقيقة الأمر فإن ما شجعني على طرح الحلول هو ما تلاحظ للجميع من اهتمام خادم الحرمين الشريفين وحرصه -حفظه الله- على توفير السكن المناسب لأبناء الوطن. ولعل القرارات والخطوات التي اتخذها في فترة وجيزة من حكمه مؤشر قوي على ذلك.
وفي هذا الصدد فإنني أقترح ـ بالإضافة إلى الجهود التي تقوم بها الحكومةـ تبني المبادرات التالية القابلة للتنفيذ:
أولا: مبادرات قصيرة المدى:
1. قيام وزارة الإسكان بدور المنظم لتوفير الإسكان وتشجيع ودعم المطورين المحليين والشركات الأجنبية لتنفيذ المساكن المطلوبة وفق مدة زمنية محددة، وتحديد برنامج زمني تلتزم خلاله الوزارة بمسؤولية الإشراف على توفير المساكن المطلوبة من خلال ثلاثة مسارات:
- صندوق التنمية العقاري.
- المطورون من القطاع الخاص.
- الجهات الحكومية كالمستشفيات والجامعات والهيئات...إلخ
2. وضع برنامج شراكة مع كبار المطورين من العقاريين تقوم الوزارة فيه بدور المسهل لتيسير الإجراءات الإدارية والفنية لدى الجهات الحكومية كالبلديات والكهرباء والماء وكتابات العدل ....الخ لاعتماد المخططات السكنية وتنفيذ المشاريع السكنية لدى القطاع الخاص وفق مدد محددة.
3. تحديد مدة زمنية محددة يتم خلالها اعتماد المخططات السكنية واستكمال إجراءات التراخيص اللازمة وإيصال الخدمات لها من قبل الجهات المعنية. وأن تقوم وزارة الإسكان بالاتفاق مع الجهات الحكومية المذكورة بوضع ممثل لها لدى وزارة الإسكان بحيث تؤسس الإسكان مكتب شامل على نظام النافذة الواحدة، تمثل فيه كافة الجهات المعنية.
4. إلزام الجهات الحكومية كالأجهزة العسكرية والهيئات والمستشفيات والجامعات ببناء مساكن لمنسوبيها وذلك مساهمة منها بزيادة المعروض والحد من الطلب وتخفيض الأسعار. وصياغة برنامج مشترك لتنفيذ ذلك.
5. دمج مشاريع الإسكان الحكومي مع المخططات العامة بما يساعد على دمج الطبقات الاجتماعية ببعض بدلا من وضع الطبقة محدودة الدخل في أحياء خاصة. ويمكن في ذلك محاكاة النموذج الفرنسي الذي يتم فيه تحديد عدد من القطع في كل مخطط جديد وتخصيصها لذوي الدخل المحدود.
6. التنسيق بين الإسكان والبلديات لإعادة هيكلة استعمالات الأراضي ووضع السياسات والأنظمة التي تدعم زيادة المعروض من الأراضي السكنية.
7. سرعة تحديث أنظمة البناء وتحديد ارتفاعات المباني في كثير من الأحياء وتكليف البلديات بإنجاز ذلك خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر.
8. تنظيم إجراءات التأجير ووضع أنظمة صارمة لحفظ حقوق الملاك مما يشجع على الاستثمار في ذات القطاع.
9. وضع وصياغة بعض الضوابط التي تكفل الحد من تجارة المضاربات في الأراضي البيضاء السكنية.
10. تفعيل برنامج تمويل المشاريع العقارية الاستثمارية المعمول به سابقا من قبل صندوق التنمية العقاري.
11. قيام وزارة الشئون البلدية بتطبيق كود البناء للحد من تواضع جودة البناء وقصر عمر المباني المعمورة مما يضطر الكثير من الأسر السعودية إلى البحث عن مسكن جديد بعد فترة وجيزة من عمر المبنى وبالتالي نمو الرقعة العمرانية بشكل متسارع.
ثانيا: مبادرات طويلة المدى
12. قيام وزارة الشئون البلدية بوضع برنامج عملي للإفادة من الأحياء القديمة داخل المدن والتي تتميز باكتمال الخدمات العامة والبنية التحتية فيها.
13. التنسيق بين وزارتي المالية والاقتصاد والتخطيط لتوزيع برامج ومشاريع التنمية على المناطق المختلفة بشكل يساعد على الحد من الاكتضاض السكاني في المناطق الرئيسة. ويشمل ذلك المناطق الصناعية والمراكز الصحية والتعليمية الكبيرة. وكافة الكيانات الجديدة التي تتطلب كثافة بشرية لتشغيلها.
14. تكليف وزارتي المالية والاقتصاد الوطني والتخطيط بالتعاون مع هيئة الاستثمار بسرعة العمل على تنويع القاعدة الاقتصادية وتشجيع إيجاد أوعية استثمارية أخرى (فرص بديلة) لدى المواطن السعودي تمكنه من استثمار مدخراته فيها وذلك للحد من تركز معظم السيولة والمدخرات في قطاع العقار والتي تضغط باتجاه ارتفاع أسعاره..
15. قيام وزارة الاقتصاد والتخطيط بصياغة خريطة استثمارية تساعد على تشجيع المشاريع الاستثمارية والتجارية وخلق فرص العمل في المناطق الأخرى خارج المحاور الرئيسة الثلاث (الرياض وجدة والدمام).
أعتقد أن هذه المبادرات كفيلة بتحقيق الهدف الوطني المتمثل في كبح جماح الأسعار وتوفير المساكن لذوي الدخول المحدودة بأسعار اقتصادية محتملة. وتحقيق هذا الهدف الوطني الهام الذي طال الأخذ والرد فيه.
والله ولي التوفيق،،،،