حين يحتفل سمو أمير منطقة الرياض وأهاليها مساء اليوم بسلمان بن عبدالعزيز ملكاً للمملكة العربية السعودية، فهم إنما يحتفلون بالوفاء، ويحتفون بمهندس ومخطط عاصمة المملكة الرياض، بل وبوصفه احد الرموز الكبيرة التي شاركت في تأسيس الدولة السعودية الحديثة، وليقدِّموا في هذا الحفل إشارات لها معانٍ عظيمة عن حبهم لرجل الوفاء، ضمن مدلولات أخرى كثيرة عبروا عنها في مناسبات سابقة منذ أن كان أميراً فولياً للعهد، وها هم يعيدونها مجدداً بوصفه ملكاً.
***
وهذا الحفل لن يترجم كل ما تختزنه ذاكرة أمير وأهالي منطقة الرياض عن سلمان القيادي والإنساني ورجل التاريخ، ولن تعبر الكلمات نثرها وشعرها عن حقيقة المكانة التي تسكنها هذه الشخصية في وجدان مواطنيه، فالملك الذي يقدره أهالي منطقة الرياض وأميرها كباقي مواطني المملكة هو حالة استثنائية في قربه من المواطنين، مثلما أنه ملك غير عادي في ارتباطه الوثيق بكل ما يدنيه منهم ويحببهم فيه، من خلال مبادراته وتفاعله واستجابته لكل ما يلبي مطالبهم، وهو كذلك في تواضعه، وإظهاره الاهتمام بما يفكر فيه المواطنون.
***
سلمان بن عبدالعزيز، أميراً أو ملكاً، هو هذا الرجل الذي تطبَّع بأخلاق الفارس، وتواضع القوي، وسماحة المسلم، وصفات العربي الأصيل، دون أن يتنازل عن أي منها، أو يأخذه سبب في البعد عنها، فقد تعلم أن يكون هكذا، وأن يتمسك بما يقربه من مواطنيه، ويدنيهم منه، فنجح في كسب مودتهم ومحبتهم، وأمكنه أن يتعرف عليهم ليس بالاسم فقط، وإنما بالإمكانات والقدرات الشخصية.
***
هذا الاحتفال لا يعني شيئاً أكثر من كونه تظاهرة وطنية لتجديد الولاء، والتأكيد على البيعة والإخلاص لها، والتذكير بعلاقة المواطن بملكه، وأنها علاقة حضارية وتربوية، حيث تشير بوضوح إلى جوهرها وما ترمز إليه، وإلى ذلك المحرض الجميل الذي أسس لهذا النوع من العلاقة المتميزة، بحيث يمكن لاحتفال كهذا ان يضيء الطريق لكلمة جميلة، وعبارة أنيقة، وبوح صادق يقال في سلمان بن عبدالعزيز فرحاً من المواطنين بمبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية.
***
لقد خسرنا فارساً عظيماً هو عبدالله بن عبدالعزيز، ومن قبله الملك عبدالعزيز، وعلى التوالي الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد أبناء الملك المؤسس، لكننا كسبنا فارساً عظيماً تولى من بعده سدة الحكم هو سلمان بن عبدالعزيز، الذي خفف من حجم الخسارة، بما أعلنه مبكراً من قرارات وأوامر ومراسيم ملكية أكد بها أن المملكة غنية بالرجال والقيادات والزعامات المؤهلة لتولي مسؤوليات الحكم وإدارة الدولة بالكفاءة والمقدرة والجدية والإخلاص التي تتطلبها هذه المسؤولية العظيمة.
***
لقد كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مهيأً منذ بواكير شبابه للقيام بمسؤوليات الحكم ففيه من الصفات والتميز والتفرد، ما تحتاجه القيادة، حيث يجمع بين اللين والحزم، والخبرة الثرية الطويلة التي أكسبته معرفة أساليب تجذير العلاقات الدولية للمملكة مع الدول الاخرى، وتجسير الأسس التي ينبغي أن تعتمد عليها المملكة في بناء دولة المستقبل بكل القوة والثراء العلمي والمعرفي التي تحتاج إليه.
***
مختصر القول: إن المواطنين اذ يجددون لسلمان بن عبدالعزيز مبايعته ملكاً من جديد في هذا الحفل البهي الذي يليق به، كما يليق بمواطني منطقة الرياض وأميرها فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، وامتداداً لمواطني جميع مناطق المملكة، سوف يقول كل منهم، وعلى لسان واحد، من سيحضر الحفل، أو من يتابعه من القنوات التلفزيونية، أو يقرأ عنه في الصحف، إن هذا الحفل هو لرجل الوفاء سلمان بن عبدالعزيز، الذي علمنا كيف نحب هذا الوطن فنحبه شخصياً، وكيف نخلص لهذه البلاد فيمتد الإخلاص لملوكها، وإن المحبة والتعاون بين المواطنين إنما يزرع الحب والإخلاص للوطن الغالي.
***
بورك لوطن شامخ يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولقلوب مواطنين تنبض بحبه والإخلاص له ضمن حبها وإخلاصها للوطن.