ناصر الصِرامي
داعش تنظيم لا يختلف فكريا عن القاعدة والنصرة، وإن اختلف التمويل والنفوذ، والتجنيد، مرحلة لا تختلف عن كل المراحل التي سبقتها. داعش والنصرة والقاعدة كلها تتحرك خارج الدولة، وخارج القانون الدولي، إنها في النهاية عبارة عن مليشيات تم توظيفها هنا وهناك وتحت مبررات وغطاءات مختلفة بين وقت وآخر، وحسب الاختراق الحادث لهذا التنظيم أو ذاك من قبل أجهزة استخبارات إقليمية ودولية..إلخ..!
ثم يأتي حزب الله -الإيراني- اللبناني والذي لا يتماهى مع الدولة اللبنانية، وإنما يحركها بأمره، سواء اعترفت بها الدولة الضعيفة أم لا. حتى في لحظات ضعف أكبر حزب مسلح في العالم العربي الآن، لا يمكن لإدارة في لبنان أن تتخذ قرارا ذا علاقة، دون الرجوع إلى الحزب وممثليه، والذي بدوره يعود إلى مرجعيته السياسية والدينية في طهران. كما تجاوز حدود دولته المقر، لبنان، ليتجه إلى سوريا، واليوم تحديدا هو في اشتباكات عنيفة في القلمون، حيث تشهد المنطقة معارك بين الفصائل المقاتلة من جهة وميليشيا حزب الله وقوات النظام من جهة أخرى مع سقوط المزيد من القتلى في صفوف الطرفين. حزب الله هو بالتأكيد مليشيا عسكرية مارقة عن الدولة والقانون الدولي.
في اليمن، هناك جماعة الحوثي المعروفة والمدعومة من إيران، هاهم - من يسمون نفسيهم -أنصار الله- الذين انقلبوا بعنف مفرط على الشرعية والدولة اليمنية، وحركوا مليشياتهم من الشمال إلى الجنوب اليمني للعبث في أرض اليمن، قبل التدخل السعودي، لإيقاف مليشيات متمردة وطامعة ومهددة، والعمل على تدميرها وتدمير أعوانها، والمتحالفين معها، بما فيهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، والذي أعلن ذلك بنفسه.
ثم إلى مصر حيث تنظيم «بيت المقدس» المليشيا الأخرى التي تتحول مرة للدواعش ومرة لجهات أخرى محسوبة على النظام السابق -الإخواني- وعلاقاته بالجماعات الجهادية ونحوها، مليشيات تترابط في مصالح اقتصادية وسياسية في الوقت ذاته، وهي أيضا خارج القانون، قانون الدولة والقانون العالمي كذلك.
ثم الحشد الشعبي في العراق، وهي قوات شبه عسكرية تنتمي إلى المكون الشيعي ظهرت في المشهد العراقي بعدما أفتت المرجعية الدينية الشيعية العليا بالعراق «بالجهاد الكفائي» في 13 يونيو/ 2014 لمواجهة داعش..
وينقسم الحشد الشعبي إلى الفصائل الكبيرة المعروفة، مثل منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا السلام (جيش المهدي سابقا بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر) ولواء الخراسان وغيرها.
إضافة إلى الشباب الذين استمعوا إلى نداء المرجعية الدينية بعد سقوط الموصل، ويقول أحد مقاتلي الحشد الشعبي إن «الجيش العراقي يعتمد كثيرا علينا، لأننا نجيد حرب العصابات والشوارع، وهذا ما كان ينقص الجيش لمواجهة (داعش)».!
الحشد قدم أصلا من رحم المليشيات الشيعية المتطرفة، وهناك العشرات غيرها من المليشيات الجزئية، التي تتحرك في فضاء الدولة، لكنها خارجة عن قانونها، ويصعب السيطرة عليها، لأنها في النهاية مليشيات تم تأجيرها لمواجهة خطر عجزت الدولة المركزية وجيشها عنه، بنفس طريقة حزب الله في سوريا !
سابقا كان هناك قوى ثورية وانفصالية في أكثر من بقعة من العالم إلا أنها انحصرت اليوم في مساحة محددة من هذا الكوكب، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في المنطقة العربية والإسلامية تحديدا.!
مجددا، العالم سيتحالف اليوم لحرب طويلة على الإرهاب والتطرف ومؤسساته المعروفة، ودول الشر التي تحتويه، إنها مقدمة لحرب عالمية مفتوحة على الإرهاب والتطرف، هي الحرب العالمية الثالثة..!