محمد الشهري
لقد أنعم الله (سبحانه وتعالى) على هذه البلاد الطاهرة المباركة بالعديد من المزايا التي تتفرد بها عن باقي بقاع الأرض، والتي لا يدركها ويعيها إلاّ من وهبه الله القدرة على الاستيعاب وعلى إمعان النظر بعمق، وعلى إعمال العقل المتجرد من ملوثات الفكر.
** ولا جدال في أن أولى وأهم وأكرم تلك النعم، إنما يتمثل في كونها حاضنة لأقدس المقدسات على وجه الأرض، والتي انبثقت منها الرسالة المحمدية إلى البشرية جمعاء، وهذا -لعمري- هو الشرف الذي لا يضاهى.
** ولأنها كذلك، ولأن معظم مساحاتها المترامية الأطراف صحراوية، وبالتالي افتقارها إلى الموارد المائية الغنية التي من شأنها إتاحة المزيد من الخيارات في ممارسة أوجه ومجالات العيش المتعددة التي تنعم بها بلدان الأنهار.. فقد عوضها الله عن ذلك بأنهار (الذهب الأسود) وما أدراك ما الذهب الأسود.
** ولأنها تستحق كل ذلك، فقد أنعم الله عليها بأن قيض لها قيادة حكيمة متعاقبة، حملت في عنقها أمانة خدمة أقدس المقدسات دون كلل أو ملل، جنباً إلى جنب مع رعاية مصالح الأمة، والسير بها إلى ما وصلت إليه من رغد العيش في أمن وأمان هو محطّ حسد الكثير من المجتمعات، ناهيك عما بلغته من مراتب متقدمة جداً في كافة المجالات، وعلى كافة المستويات، مما منحها حق التمتع بالانعكاسات الإيجابية لمجمل هذه المعطيات، والثقل الروحي والسياسي والاقتصادي إقليميا ودولياً.
** إذن: فـ(سلمان العزم والحزم) هو أحد مِنن الله على هذه البلاد، وهي بلا شك تستاهله، وهو يستاهلها.
هم يريدونها هكذا؟!
** من يعتقد بأن اللغط الدائر هذه الأيام حول مسألة (بيع وشراء) المباريات هكذا دون تحفظ، قد جاء مصادفة، أو أنه وليد اللحظة، فهو -مع كامل تقديري- قاصر إدراك، ولاسيما إذا كان ممن عايشوا وسطنا الرياضي عبر مراحله المختلفة؟!.
** ذلك أن إرهاصاته قد بدأت في الظهور والانتشار منذ مدة ليست بالقصيرة عبر أساليب ولهجات ومصطلحات متعددة ومختلفة ظل يتّبعها (بنو خيبان) في سبيل صرف الأنظار عن خيباتهم ومن ثم اتسعت الدائرة شيئاً فشيئاً؟!.
** قطعاً أنا لا أمتلك حق إثبات أو نفي ما يقال في هذا المنحى، ولكنني أمتلك حق التساؤل والتعجب : كيف ولماذا بلغت الأمور هذا المبلغ والمستوى من الجرأة في التعاطي؟!.
** هل هي حقيقة ولكننا أعجز من أن نوقفها.. أم أنها (خرافة) ولكننا أكثر عجزاً من أن نجتثّها، ولاسيما والأمر في كلتا الحالتين خطير جداً؟!!.
** وسواء كانت حقيقة أم خرافة، فإنها تنذر دون ريب بما هو أمرّ وأسوأ، ولن تقتصر أبعادها وتبعاتها على محيط كرة القدم فحسب؟!.
** نعم: هناك من عمل ويعمل دون كلل أو ملل على أن تظل الساحة غارقة في بحر الفوضى والشكوك والارتياب وتبادل الاتهامات والتخوين لأنهم أصلاً نتاج ثقافات وسلوكيات اعتمدت في فرض وجودها على هكذا ممارسات، وبالتالي هم لا يستطيعون العيش وسط الأجواء الصحية، لذلك هم يحاربون كل بادرة من شأنها تنقية الساحة مما زرعوه فيها من ملوثات، أو التخفيف منها على أقل تقدير؟!.
** على سبيل المثال لا الحصر: في الموسم الماضي تهيأت بادرة إزالة الحد الأدنى من الاحتقان، ومن التشوهات التي أحدثوها ومارسوها عمداً بحق مجتمعنا الرياضي من خلال المجاهرة بدعم ومساندة الفرق الأجنبية بكل الوسائل ضد الفرق التي تمثل الوطن خارجياً، ولكنها أخذتهم العزّة بالإثم، وقامت قيامتهم، رافضين الالتزام ولو بالحد الأدنى من (القيم الاجتماعية وآدابها) معللين ذلك ببراءة (الكورة) من أية واجبات وطنية أو اجتماعية بحسب مفاهيمهم، وعندما قال العقلاء: بلاها الوطنية، فأين (الحياء) قالوا: لاحياء في الكورة!!!.
** وليت الأمور توقفت عند هذه الحدود من العمل على ترسيخ مظاهر التنافر بين شرائح المجتمع الرياضي، فضلاً عن رفع معدلات وأسباب عدم تقبل بعضهم بعضا حتى على مستوى الأسرة الواحدة إلى درجة التباغض.. بل تجاوزته إلى أبعد من ذلك، من خلال إقامة الولائم والاحتفالات، ونحر الإبل، وتمزيق العملات، ابتهاجاً باستلاب حق أحد الفرق السعودية عياناً بياناً لصالح أحد الفرق الأجنبية على يد (الفاسد / نيشيمورا) الذي أشادوا به كثيراً على إثر ما قام به، بل اعتبروه رمزاً تاريخياً خالداً لهم؟!!.
** هذا غيض من فيض، الشواهد والأحداث الماثلة والموثقة، وهو ما يجب أن يعلمه ويدركه الذين بدأوا مؤخراً في تبني فكرة محاربة التعصب، فالمسألة قد تجاوزت نطاق التعصب إلى مستوى التطرف، هذا عدا أن البؤر المصدرة لهذا الطفح الشاذ المتوارث منذ عقود، معروفة لدى القاصي والداني، بدليل سلسلة الممارسات والأحداث الأخيرة.. وبالتالي فإن عليهم تكثيف جهودهم باتجاه تلك البؤر تحديداً، وعدم إهدار الجهود في أماكن بعيدة كل البعد عن مكامن (التلويث)، هذا إن أرادوا النجاح لمشروعهم، وإلاّ فإن مصيره سيكون مصيركل البوادر والمبادرات السابقة التي أفشلوها، لأنهم يريدون الأوضاع هكذا؟!.
المعنى:
عاصفة حزم، ولاّ عاصفة نخوة
سمّها فـ النهاية ضربة معلم
صحّت اللي غشيم وراعي الهقوة
خل قاصر حدود الفهم يتعلم