غيَّرت (عاصفة الحزم) من مسار خريطة الطريق المرسومة لدول منطقتنا، وقضت على كل ما كان يُخَطط لمستقبل دولنا، فأصبحنا أكثر قوة مما كنا عليه، وأكثر اطمئناناً على سلامة واستقرار شعوبنا، وبتنا نفكر بشكل أفضل فيما يعزز من مكانة وأمن هذا الجزء المهم من العالم، ونردد معاً، وبصوت مرتفع، ربَّ ضارة نافعة، فعاصفة الحزم أنهت كل أطماعهم، وقضت على كل مخططات خبيثة كانوا يحضِّرون لها، وعرَّفت العالم بحجم المؤامرات التي لم يبق إلا تحديد موعد تنفيذها.
* * *
كانت قناعاتنا أن نداري الأمور والقضايا ونزوات الآخرين بالحكمة والعقل والهدوء والتفاؤل، بانتظار أن يعيد هؤلاء حساباتهم، ويراجعوا مواقفهم، ويكفوا عن إيذاء جيرانهم، ويحترموا التعامل الراقي الذي تتميز به سياسة المملكة، فلا يتدخلوا بشأنها الداخلي، ولا يتآمروا على مصالحها، ولا يمسوا حرمة حدودها وأراضيها، غير أنهم فهموا هذا الصمت، وتجنب الصدام معهم، على أنه ضعف يغري ويشجع باستمراء هذه المواقف العدوانية منهم.
* * *
نحن إذاً في فترة زمنية تاريخية تومض بما هو أفضل لمستقبل دولنا وشعوبنا، وتذكر بأن المملكة العربية السعودية لم تعد بعد اليوم على استعداد للصمت، أو القبول بالتهدئة أو المهادنة، متى مُسَّ أمنها واستقرارها، وأُسيئ إلى مواطنيها، وحُرِّكتْ المؤامرات باتجاهها، فهذا خط أحمر، يهيئ لمواجهة بطولية كهذه التي تقوم بها عاصفة الحزم، وهو حق مشروع، ودفاع عن النفس، وردع لكل من تفكر نفسه الشريرة بالاعتداء عليها أو الإساءة لمواطنيها.
* * *
لقد أدرك الحوثيون والرئيس المخلوع وأتباعه، وتأكد لإيران معهم، أن موازين القوى في السماء والبحر وعلى الأرض ليست في صالحهم، وأن الدبلوماسية التي تقودها المملكة على مستوى العالم لتأكيد سلامة موقفها، وعدالة قضيتها، هي أيضاً لصالح المملكة، وأنه لم يبق أمامهم إلا الاستسلام، والقبول بالأمر الواقع، والتعاون لبدء حوار يمني- يمني لا يستثني أحداً من مكونات الشعب اليمني، للوصول إلى حلول لقضاياهم، وبالتالي الابتعاد عن أي تصرف أو إجراء يقوض أمن الحدود المشتركة بين المملكة واليمن ويعرضه إلى الخطر وعدم الاستقرار.
* * *
ما لم يدركه بعض اليمنيين من قبل، وعليهم أن يدركوه الآن، أن تَفَهُّم المملكة لقيمة الأخوة والجوار، وإعطاء اهتمامها للاستقرار والأمن كأولوية في العلاقة الثنائية بين البلدين، إنما ينبع ذلك من حرصها على مصالح الشعبين الشقيقين، مع التأكيد على أن أي مساس أو تأثير سلبي يصدر من أي طرف يمني لن يكون مقبولاً، وأنه سيواجَه بالحزم وبالعصف، وسيتم التصدي له بالقوة التي يستحقها.
* * *
باختصار شديد، فإن بداية الطريق لمعالجة التطورات السلبية الأخيرة، وعدم إعطائها أي مسوغ للتمدد والتوسع، يبدأ من الحوار، ويتأكد من انسحاب الحوثيين إلى صعدة، وتسليمهم المعدات والأسلحة التي نهبوها، وعودة الشرعية، والالتزام الدقيق والسريع بتطبيق قرارات مجلسي الأمن والتعاون الخليجي، وإظهار الاستعداد للتعاون بما يؤدي إلى تحقيق ذلك، وما لم يفعّلوا هذه المتطلبات والشروط، فإن عاصفة الحزم سوف تواصل مطاردتهم في الكهوف وبين الجبال وفي الأقبية المظلمة، وتلاحقهم أينما كانوا.