د. أحمد الفراج
في بريطانيا العظمى، والتي يعيرنا إعلامها دوما بتخلفنا، ويذكرنا بأننا شعوب نعيش تحت رحمة أنظمة ملكية!!، وبأننا شعوب يضحك عليها حكامها، ويعيشون حياة مترفة على حسابها!!، ولا يترك هذا الإعلام شاردة ولا واردة تخصنا إلا وعلق عليها سلبا، أقول انشغل هذا الإعلام المتناقض في الحديث عن المولود الملكي الجديد للأمير ويليام، الثاني في ترتيب العرش البريطاني، وزوجته كيت، وكثرت التكهنات حول هوية هذا المولود، ووزنه، وشكله، ولون عينيه، وهل سيكون ذا دماء زرقاء كاملة الدسم، أم سيغلب عليه عرق «آل مدلتون»، الأقل شأنا، في الطبقية البريطانية، والتي تعلوها دماء «آل وندسور»، ولا يوجد نظام ملكي في الدنيا يملك ألقابا يوزعها على الشعب، حسب قربهم وبعدهم من العائلة المالكة، ذات الدماء الزرقاء الخالصة، مثل النظام الملكي البريطاني.
وقد اصطف البريطانيون «المتحضرون» جدا في الشارع المقابل للمشفى، الذي ولدت فيه كيت، وذلك ليكونوا شهودا على هذا الحدث التاريخي!!، وكانوا في منتهى الفرح والحبور، وهو يشاهدون الأمير ويليام بأعينهم، وهو يحمل ابنه البكر، جورج، الوريث الثالث للعرش البريطاني، ويدخل به إلى المشفى، ليشاهد المولودة الجديدة، أي أخته، والتي أصبحت الوريث الرابع للعرش، ولعلي نسيت أن أخبركم عن تلك العجوز البريطانية، التي قادت سيارتها من قرية بعيدة إلى لندن، وذلك لتشهد بعينيها هذا الحدث العظيم، فالنقل الإعلامي للحدث لا يكفي، وستخبر هذه العجوز أبناءها وأحفادها عن التفاصيل الكبرى لهذه الولادة الملكية، ولا يهم كم خسرت هذه العجوز من أموال، فالمهم أنها حضرت، فهي تساهم، مع الشعب البريطاني، من خلال دفع الضرائب الباهضة، في استمرار تمتع العائلة البريطانية المالكة بحياة القصور، والبذخ، والحياة الأرستقراطية على أصولها، فالشعب البريطاني كريم، و»آل وندسور» يستاهلون!.
على الجانب الآخر من المحيط، وفي ذات الأسبوع الذي ولدت فيه كيت ميدلتون، ألقى بشار الأسد براميل متفجرة على ادلب، ولم يقتل إلا خمسين شخصا فقط، وقتلت جبهة النصرة «المسلمة» عشرين داعشيا «مسلما» لا غير!!، وقد انتقمت داعش بتفجير عدة منازل لقادة النصرة، والحمد الله أنه لم يمت إلا ثمانية عشر فقط، كما أن صديقي الليبي، الذي ثار على القذافي مع الثائرين، أخبرني، عبر الإيميل، بأنه استطاع، أخيرا، الحصول على خبز، يكفيه هو، وأسرته لعدة أيام، وحمد الله أنه لم يتم أي تفجير في حارتهم منذ يومين، وهذه نعمة كبيرة، كما هاجم الحوثيون منازل لخصومهم، وقتلوا بعض الأشخاص، ولم يتعد عدد القتلى والجرحى مائة شخص، وهذا إنجاز، كما واصل أنصار الإسلام السياسي إثارة القلاقل في مصر، وقد خفف نظراؤهم في الخليج الضغط عليهم، فواصل زملائهم في الكويت إثارة القلاقل، وذلك بتبادل الأدوار مع الصفوي عبدالحميد دشتي، فالهدف واحد، والقضية مشتركة!!، وهكذا هي الحال من المحيط إلى الخليج، وقد سألني صديق فاضل عن سر التفاوت الكبير، بين أحداث واهتمامات الغربيين، وأحداث واهتمامات أهل المشرق، فقلت له: «اختلاف ثقافات يا أخي»!!.