محمد سليمان العنقري
التعديل الوزاري الأخير نقل معالي المهندس عادل فقيه من وزارة العمل إلى الاقتصاد والتخطيط التي يفترض أن تكون المطبخ العملي لرؤية الاقتصاد الوطني للحاضر والمستقبل، وبقدر أمنياتنا لوزيرها الجديد بالتوفيق إلا أن الكثير من العمل ينتظره حتى تتبلور خارطة الطريق التي سيسير عليها الاقتصاد؛ خصوصا أن الوزارة لم تصل إلى مرحلة الحضور البارز في السنوات السابقة بحيث تضع الخطط بما يتناسب مع الاحتياجات والإمكانات الواقعية.
فالمهندس عادل فقيه يعرف من خلال فترة عمله بوزارة العمل أن مشكلة البطالة ليست محصورة بهيكلية انظمة سوق العمل وأن سياسة الإحلال لن تكون حلا سحريا لمعالجة البطالة، فما واجهته الوزارة من إشكالية كبرى بتوظيف المواطنين كان ومازال جزء رئيسي منه هو توليد فرص عمل تحقق الأمان الوظيفي وبدخل جيد وبمتطلبات تأهيلية عالية مهنيا وأكاديميا، وبالتاكيد فإن عدم نهوض قطاعات رئيسية كالصناعة والتقنية والخدمات العديدة بما يناسب حاجة الاقتصاد هو السبب وراء عدم توليد فرص عمل بأعداد كبيرة، ويدلل على ذلك حجم فاتورة الواردات من الخارج التي وصلت إلى 651 مليار ريال بنهاية العام الماضي 2014م مما يعني أن الفرصة كبيرة وواسعة لرفع حجم الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد والتي تفسر الحاجة لجذب وضخ استثمارات ضخمة مما سينتج عنها توفير فرص عمل جيدة للمواطنين وتخفيض بفاتورة الاستيراد.
وإذا كانت البطالة أحد المؤشرات الرئيسية بالاقتصاد والتركيز على حلولها سينعكس بالإيجاب على بقية التحديات الأخرى إلا أن هتاك إشكاليات هيكلية عديدة في الاقتصاد تتطلب حلولا استراتيجية حتى لا تتكرر المشكلة كثيرا وبنفس الحجم الحالي ومنها ملف السكن الضخم؛ فالحلول التي بدأت تتسارع حاليا تفرض أن تقوم وزارة الاقتصاد والتخطيط بوضع تصور نهائي لقطاع العقار عموما والاسكان خصوصا حتى يتحول لقطاع داعم للتنمية والامر ذاته ينطبق على قطاع الصناعة وأيضا المنافسة بالصادرات وقطاعات الخدمات كالسياحة، وكذلك الامن الغذائي وتطوير منظومة الخزن الإستراتيجي ونمو استهلاك الطاقة والمياه والعديد من الجوانب الرئيسية للنهوض بالاقتصاد .
فالوزارة يقع على عاتقها التخطيط والذي يتطلب تغييرا جذريا بأساليبه وكذلك تطوير منظومة الاحصاء حتى تصبح الرؤية واضحة أمام كل الاطراف من قطاع عام وخاص وأفراد؛ فما حدث خلال الخطط التسع السابقة وان كان حقق نجاحات بجوانب الا أن تنويع مصادر الدخل والتوسع بحجم الانشطة الاقتصادية لم يصل الى الاهداف المنشودة وما بقاء نسبة البطالة عند11.7 % وحجم فاتورة الواردات بما يعادل حوالي 20% من الناتج المحلي وكذلك نسبة تملك السكن التي تقل عن 40 % ولو تعمقنا أكثر سنجد ان نسبة الاطباء السعوديين لم تتعد
35 % وكذلك نسبة المهندسين القريبة منها ايضا الا مؤشرات واضحة على حجم العمل المطلوب من الوزارة لاعادة النظر بكل اساليب التخطيط وتفعيل الدور التنسيقي والتنظيمي بين كل الاطراف الفاعلة بالاقتصاد والتنمية عموما حتى تتكامل الرؤية الحقيقية لمستقبل الاقتصاد والتنمية الوطنية.
التخطيط هو السلاح الفعال لمواجهة المستقبل في عالم ارتفعت فيه المنافسة وأصبح الفرد هو الركيزة الأساسية في دعم نمو وتطور اقتصاديات الدول فعندما نرى شابا في الدول المتقدمة أبدع بفكرة تحولت لتكون شركة كمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر باتت قيمها السوقية بعشرات المليارات من الدولارات، فبالتأكيد يقف وراء ذلك خطط رسمية مبنية على رؤية طويلة الامد مكتملة الجوانب مهيئة لظروف الابداع والتنافس العالمي المحموم بينما لا زلنا نضع خططا خمسية تعتبر قصيرة لتحقيق اي نجاحات مأمولة ولا يظهر بنهايتها كم نسبة ما أنجز منها ومدى ملاءمتها لاقتصادنا، مما ينتج عنها تصور عام كأنها تمنيات وليس تحديات نواجهها، برغم توفر الإمكانات الضخمة في وطننا الغالي والدعم اللامحدود من قيادتنا للرقي بالوطن وأبنائه لنكون بمصاف الدول المتقدمة.