يوسف المحيميد
حينما فاجأت المملكة العالم بأسره، حتى الدول الصديقة والقريبة، ببدء عمليات عاصفة الحزم، كانت تدرك أن الدور السياسي، والعمل الدبلوماسي، والجلوس ألى طاولة الحوار، وإعادة الأمل إلى الفرقاء، كان يتطلب القوة والحزم، فمن غيرهما سيستمر المتمرد والانقلابي في رعونته، ومغامرته العسكرية غير المحسوبة، وسيدرك أن الحلم والصبر حين يصل مداه، سيتحول إلى غضب وحزم وشجاعة.
وحين أقول بأن المملكة فاجأت، أعني أن العالم منذ نشأة هذه الدولة يعرف حكمتها وتمهلها في معالجة الأمور، وسعيها ومبادرتها للحوار السياسي، فهي دولة تؤمن كثيراً بالسلام والتسامح وعلاقات الجوار، لكن حين تنعدم الحلول تماماً، ولا يصغي الانقلابي لصوت العقل، ويتعامل مع الرسائل المعلنة والخاصة بتعال واستهتار، يتوجب حينئذ المعالجة بشكل سريع وعملي.
وكما بدأت هذه العاصفة، وقلمت أظفار الميليشيات المتمردة، وقضت على مخازن الأسلحة، ومصادر الخطورة على جيران اليمن، فقد أعلن عن انتهاء هذه العمليات الجوية، وتدشين مرحلة إعادة الأمل، مع بقاء الحزم متأهباً للفعل السريع إذا ما استلزم الأمر، فمن يظن أن حالة التأهب والعمل الجوي والبحري انتهت فهو لم يفهم جيداً المرحلة التي نعيشها، لأن حالة المراقبة المستمرة ستبقى على الموانئ اليمنية، وكذلك تأمين الشريط الجنوبي لحدودنا، وهو الأمر المهم الذي سيحمي الحدود من المعتدين والمتسللين على حد سواء.
على المستوى الدبلوماسي، والعمل السياسي، يدرك الجميع قدرة المملكة على حل كثير من القضايا السياسية العالقة في الدول المجاورة، وجمع شمل الفرقاء في أي دولة، ومبادرتها لذلك، بما يعني أن مرحلة إعادة الأمل ستعيد الأمل فعلاً إلى الأشقاء في اليمن السعيد، وتعيد إليها الأمن والاستقرار بعودة الشرعية، واحترام صناديق الاقتراع، ومن ثم العودة إلى تنمية هذه البلاد التي تستحق الكثير، فملايين الأشقاء اليمنيين يعملون في دول الخليج، وبالذات في المملكة، وهم جزء من نسيج مجتمعنا، ويتم التعامل معهم بطريقة خاصة، تختلف عن المقيمين العرب وغير العرب.
هؤلاء الذين أسهموا معنا في البناء والتنمية في مرحلة الستينيات، وما زالوا يعلمون معنا في مجالات متعددة، ويضيفون الكثير إلى اقتصاد وطنهم، بتحويلاتهم المالية، سيشكلوا مع المقيمين في وطنهم، بذرة اقتصاد قوي، ولكن بمساعدة دول الخليج، خاصة المملكة، ولا تعني المساعدة الدعم المالي فحسب، وإنما المشاركة بالخبرات والكفاءات، لتطوير الاقتصاد اليمني، ونقله إلى مرحلة جيدة، خاصة مع توفر الأيدي العاملة هناك... فإعادة الأمل ستكون جدواها أكبر، إذا شملت الجانب الاقتصادي والتنموي، بجانب العمل السياسي، وضمانة الاستقرار، العامل الأهم في جذب رؤوس الأموال الأجنبية.