فهد بن جليد
لن أقلب المواجع، وأعيد الحديث عن بيع منديل (كوكب الشرق) أم كلثوم في مزاد علني، وقصة (الخمسة ملايين) من جديد، ولكن لنتحدث عن بيع مفكرة، أو لنقل (دفتر هامش) عالم الرياضيات البريطاني الشهير (ألان تورنج)، الذي لم يتجاوز سعره (المليون) دولار، في مزاد (مُشابه) أقيم مؤخراً في نيويورك؟!
نقول: بيض الله وجه (راعي الفكرة)، بيعةٍ جزلة، ومزادٍ جزل، رغم أن عدد صفحات الدفتر لم تتجاوز الـ(56 صفحة) تحوي مسائل رياضية، وأساسيات علم الكمبيوتر، المبلغ سيستثمر في برامج خيرية كما أعلنت (دار بونامز) للكتب، التي لم تُفصح عن (اسم المشتري) و (هويته)، ربما كي لا يهجوه أحد بسبب التهم التي طالت (تورنج) في حياته، رغم أن الملكة (إليزبيت) أصدرت قبل عامين قراراً بالعفو عن (خطيئة العالم) بعد 60 عاماً من وفاته!
ولمن لا يعرف السيد (تورنج) فهو عالم الرياضيات والمنطق، ومؤسس علوم الكمبيوتر الحديثة، بفضل ماكينة (سوفت وير) التي اخترعها آنذاك، التي تعتبر الجهاز الأهم اليوم في (تركيبة) آي حاسب آلي حول العالم، ويُحسب له أنه استطاع (فك الشفرة) المستخدمة من قبل ألمانيا، لإنهاء الحرب العالمية الثانية، قبل أن ينتحر عن 41 سنة، بعد طرده من الجامعة، عقب فضيحة (شذوذ جنسي)، مما يدل على أن (الإبداع) لا علاقة له (بالأخلاق الحميدة)، فربما كان (المُنحط) مُبدعاً؟!.
من الأخطاء التي نُمارسها في مجتمعاتنا اليوم، هي اعتقاد أن (الأخلاق) شرط (للإبداع)، وعليه نُقصي، ونرفض دائما أفكار من لنا عليهم (ملحوظة أخلاقية) من الكُتاب، أو الإعلاميين، أو الفنانين، بدعوى أن (الإبداع أخلاق)، بينما يمكن أن نأخذ المفيد من أفكار هؤلاء، ونرفض أخلاقهم، والأمثلة كثيرة!
البريطانيون قاموا بتقديم فيلم (لعبة التقليد)، للسينما العالمية لترجمة حياة وقصة العالم (تورنج)، هم يحتفون به رغم أن أجدادهم خيروه بين (الموت)، أو (قطع جهازه التناسلي)!
خلال 62 سنة تحول (تورنج) في نظر الخواجات، من مجرم شاذ، إلى عالم تستحق (شخابيطه) مليون دولار؟!
يبدو أن الست (نانسي) على حق، عندما قالت (شخبط شخابيط، لخبط لخابيط)؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.