رمضان جريدي العنزي
عندما تدق طبول الحرب تستنفر القوى وتتهيأ الأسلحة وتشحذ الهمم والنفوس لإحراز النصر على العدو، والقلم سلاح مهم من هذه الأسلحة، قد يرفع الله نعمائه عن بعض الناس كنعمة الغنى ونعمة العافية ونعمة الأمان وغيرها، لكن النعمة الكبرى من يهب الله قلما لإنسان يتمكن به أن يدافع عن وطنه وأهله ومجتمعه، وأن يصبح درعا قويا ضد كل من تسول له نفسه المساس بإرادة الوطن وهدفه مستقبلة وقوته، أن قلم المثقف وضميره وعقله وقلبه ومبادئه يجب أن تقر كلها في أن تكتب مداد الحقيقة وحبر الأمانة، وأن تكون سلاحاً فاعلاً يتصدى للأعداء والمنافقين والظالمين والمتلونيين والخونة اللذين لا سلاح لديهم غير سلاح البهت والطغيان والجبروت وأحياء الفتنة وتمزيق الوطن وتفكيكه وتشريد أهله وإذابة مستقبله، وضد كل الذين يتغطون بقشور الزيف، ويستبدلون الأقنعة بحجج واهية ومضحكة ومصالح عابرة، أن للقلم فوهة كما للبندقية فوهة، لذا وجب على المثقف أن يكون كالجندي في جبهات القتال، لأن الكتابات والأطروحات والنثر والقصائد أن غابت الآن عن رائحة الدم والبارود فهي عقيمة وقاصرة، أن المثقف المساوم، أو المتدثر بالصمت، أو المحايد أو المنعزل، هو جندي هارب من الجبهة لا يستحق منا التسامح والغفران، أن على المثقف أن يحول إبداعاته أياً كانت إلى مفردات مقاتلة ومناضلة وشاحذة للهمم، بعيداً عن سطحية المفردة، والجمل الحالمة، ومضاجعة الليل، ومناجاة القمر، واحتساء الشاي، أننا نمر في زمن مر عصيب ودقيق، وعلى مثقفينا تحويل ثقافتهم من فنادق الرفاهية، إلى خنادق الصمود والمساندة لجنودنا البواسل، وأن يقذفوا الحق على الباطل، وأن يشمروا عن سواعدهم وأقلامهم ليضيؤا سماء الوطن، كما أضاءته قواتنا الجوية، وصقورنا البواسل، الذين سيأتون لنا بالنصر ليقدموه لنا هدية وللتاريخ وللأجيال القادمة ضوءاَ وأمثولة وفداء، أن الأعداء يفعلون كل شيء من أجل وأدنا وإذابتنا وتشريدنا في المنافي، لهذا على مثقفينا أن يدخلوا ثقافتهم في جدول أعمال مجلس القيادة العسكرية، وفي خطط التوجيه المعنوي والتعبئة، وهذه نتيجة طبيعة، ورد فعل قويم للذين يريدون غزونا لألغاؤنا ومحونا، أن الإنجازات الناجحة التي تحققها قواتنا السملحة الباسلة في حماية حدودنا، ولجم غطرسة الآخرين، تؤكد أن لا تراجع حتى تحقق العملية العسكرية أهدافها، والقضاء نهائيا على تلك العصابات والمليشيات التي بانت هزيمتها قاب قوسين او أدنى،لا سيما أن هذه العصابات المارقة باتت تدرك أن لا خلاص لهم سوى الإستسلام أو الموت المحتم، حيث نيران جنودنا البواسل تحاصرهم أينما اتجهوا، من سوء حظ هذه العصابات والدولة الداعمة لها أنها في جوار لا يتيح له هامش حركة واسعا ليباشر في مغامراته السمجة، فحيثما اتجه يجد صعوبة إن لم يكن استحالة، أن على هذه العصابة والدول والجماعات والأحزاب الداعمين لها أن يعوا أن تحركهم نحو اللعب بالنار المشتعلة لا يحتمل التجريب وأنهم لا يقوون على خوض مغامرة تقودهم إلى الهلاك والهاوية، أن على مثقفينا أن يعوا أن زمن التراخي ونوم الظهيرة قد انتهى، بعد أن بان الأعداء، وتكشفت نواياهم، متخطين كل الحدود، ومتجاوزين كل العتبات، جازماً بأن مثقفينا يدركون ذلك تماماً ولا تغيب عن أذهانهم تلك الحقائق.