د. أحمد الفراج
بعد أحداث سبتمبر في 2001، كان هناك تخوف كبير من ردة فعل أمريكا على تلك الأحداث، والتي أكدت التقارير أن تنظيم القاعدة هو من خطط لها، ونفذها، وقد بدت أمريكا بعد تلك الأحداث كأسد جريح، يبحث عن الانتقام، فضربت أفغانستان، وأسقطت نظام طالبان، ثم قررت غزو العراق، واحتلاله، بحجة حيازته لأسلحة الدمار الشامل، مع أن الصقر الجمهوري، ووزير الدفاع حينها، دونالد رامسفيلد زل لسانه فقال: «إننا ضربنا العراق، لأنه لا توجد أهداف جيدة في أفغانستان»!!، فالرجل لن يشفي غليله، هو والرئيس بوش الابن، وسيد صقور المحافظين، ديك تشيني إلا رؤية تفجيرات عنيفة، ودمار هائل، يشبه تفجيرات سبتمبر، ولا زلت أذكر أنني ظهرت في لقاءات تلفزيونية، وكتبت أكثر من مقال، وقلت إن أمريكا انتقمت عاجلا بضرب أفغانستان والعراق، ولكن ثأرها لن يتوقف، وهي ليست في عجلة من أمرها!!.
أيضاً، كتبت مقالا، في هذه الجريدة، في 2012، بعنوان: «ماذا قال هذا الجنرال؟!»، تحدثت فيه عن تصريح الجنرال ديفيد باتريوس، قائد القوات الأمريكية التي احتلت العراق، للصحافي المعروف في جريدة واشنطن بوست، ريك اتكسون، وهو التصريح الذي كتب عنه الكاتب الأمريكي المحافظ، والذائع الصيت، جورج ويل، في ذات الجريدة، إِذْ سأل الصحافي الجنرال باتريوس قائلاً: «إلى أين سينتهي هذا كله»، يقصد ماذا ستفعلون بعد أن قمتم بضرب أفغانستان واحتلال العراق، فرد عليه الجنرال، الذي أصبح مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية فيما بعد!!، بأربع كلمات فقط لا غير: «ثماني سنوات وثمانية تقسيمات»، والغريب أن مقالي ذاك، رغم خطورة ما ورد فيه، لم يثر أي تساؤل من أي نوع ممن لهم رأي أو رؤية في الشأن السياسي، وإن كنت لا أظن أن مثل ذلك التصريح الخطير سيمر مرور الكرام على أي سياسي، أو محلل يهتم بالشرق الأوسط وقضاياه، ثم أعدت الكرة، في 2014، وكتبت في هذه الجريدة، أيضاً، مقالاً آخر عن ذات الموضوع، ولم يحرك المقال ساكنا، أيضاً!!.
ليس سهلا على إمبراطورية، بحجم أمريكا، تسيطر على العالم بأسره، وتتحكم فيه أن يَتمَّ ضربها في عقر دارها، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة، في تاريخ هذه الإمبراطورية، إِذْ لم يسبق أن ضُربت أمريكا، في حالات السلم، من قبل، وقد هز ذلك هيبتها، وأفقد كثيرا من الأمريكيين الثقة بأنفسهم، وجعل خصومها التاريخيين، كروسيا والصين، يتندرون عليها، ولا زلت أذكر تلك الأيَّام التي أعقبت أحداث سبتمبر، وكيف أن البرامج الأمريكية الكوميدية تحولت إلى برامج تأبين، وتذكير للأمريكيين بقوة بلادهم، وأنها قادرة على رد اعتبارها، وبلغ «التجييش» الإعلامي درجة أن أحد نجوم كرة القدم الأمريكية، واسمه باتريك تلمان، قرر التطوع في الجيش الأمريكي، والذهاب لأفغانستان، وهو الأمر الذي انتهى بمقتله هناك، وهو في ريعان شبابه، فهل يظن أحد أن الانتقام الأمريكي سيتوقف، بعد أفغانستان والعراق، ومن هم يا ترى ضحاياه؟!، والإجابة تحتاج إلى مقال مستقل.