لقد لقي قرار مجلس الوزراء بفرض رسوم على الأراضي البيضاء ترحيباً من الشعب السعودي، وهو قرار موفق وإن جاء متأخراً، ولكن هناك مثل يقول: «أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تصل أبداً»، فلقد وصلت مساحة الأراضي البيضاء وغير المستغلة في الرياض وحدها فوق 60% و35% من مساحة محافظة جدة و43% من مساحة كل من الخبر والدمام، مما أدى بذلك إلى ارتفاع سوق العقار السعودي بسبب إقطاعي العقار وتجاره لطول احتفاظهم بهذه الأراضي لسنوات طويلة مع عدم تطويرها، مما زاد في ارتفاع العقار على الرغم من المساحة الشاسعة للمملكة العربية السعودية، ووصل إلى أسعار خيالية في سعر الأراضي والفلل السكنية، مما أدى بالأمر إلى ارتفاع الإيجار وبروز مشكلة الإسكان، خاصة إذا علمنا أن نسبة المواطنين الذين لا يملكون سكنا أكثر من 60% وهذه تعتبر نسبة عالية عالمياً لذلك سعت الدولة -حفظها الله- جاهدة إلى إنشاء وزارة الإسكان وتم دعمها بـ250 مليار ريال، ورغم مرور عدة سنوات لم يتم إنشاء العدد الكافي والمأمول من المشاريع الإسكانية، للقضاء على الأزمة حيث كان من المقرر إنشاء 500 ألف فلة سكنية في مختلف مناطق المملكة لأنه عند التنفيذ حدث فساد إداري ومالي والدليل الأخطاء الكوارثية في المشاريع السكنية التابعة لوزارة الإسكان حيث إن بعض هذه المشاريع قد بنيت في مجاري السيول، حيث تأسست هذه الفلل على أودية مردومة، وهذا مما يؤدي إلى أن تغرق في الأملاح ويكون هناك تصدعات كما أن هناك عيوبا كثيرة أخرى في بناء هذه الوحدات السكنية لأنها لا تتفق مع المواصفات المطلوبة وتتراوح تأثير هذه العيوب ما بين ما يؤدي لإزالة الفيلا كلياً أو جزئياً وبين عيوب بسيطة معمارية يتم معالجتها سريعاً، والسبب في ذلك أيضاً هو استخدام مواد بناء سيئة خلال التنفيذ أو عدم وضع الكمية المطلوبة من الأسمنت والحديد والمواد العازلة حتى يوفر المقاول مالا ومواد وجهدا لجيبه ولكن ذلك على حساب المشروع مما يؤدي لتصدعات وعيوب في الأسوار والخزان الأرضي وسوء في تنفيذ السباكة والكهرباء والصرف الصحي، وهبوط في البلاط والسراميك وتشقق في بعض الميدات والأعمدة وظهور الصداء في حديد التسليح، وكل ذلك نشأ بسبب غياب المتابعة عن المشروع منذ البداية وفي مراحله حتى في نهايته وعند تسليمه للشركة الأم، وكذلك تقصير المكاتب الاستشارية وغياب المتابعة من وزارة الإسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية وفي تقرير من الربية «قدر مختصون هندسيون حجم الهدر المالي الذي يحدث في المشاريع السعودية بـ60 مليارا سنوياً بسبب عقود مقاولي الباطن وسوء التنفيذ من قبل المكاتب الهندسية للمشروعات، وكذلك الهدر في استخدام المواد في التشييد مع عدم وجود العقود التي تحمي جميع الأطراف المستفيدة في مشاريع الإسكان وحتى نتفادى هذه الأخطاء والكوارث التي تهدد سلامة المواطنين بسبب الفساد الإداري والمالي، فعلينا البعد عن الاحتكار وترسية مشاريع الإسكان دوماً على شركات معينة ولكن يجب أن يكون ذلك من خلال منافسة ما بين الشركات المتخصصة التي لها رأس مال قوي ولها سجل ممتاز في المقاولات وسرعة تنفيذ في المشروعات مثل أرامكو وسابك والهيئة الملكية والحرس الوطني، مع فتح المجال لترسية المشاريع على شركات أجنبية متخصصة، ومنع مقاولي الباطن لأنهم سبب الكوارث في تنفيذ المشاريع لأن غالبيتهم لا يتقيدون بالمواصفات المطلوبة لأن شركات المقاولات التي يرسى عليها المشروعات لا تتابعهم ولا تدقق عليهم في العمل كما لا يوجد في العقد شرط ينص على مطالبة الشركات المنفذة بالضمان على فلل المشروع، بحيث تكون مسؤولة عن الصيانة في حال التلفيات أو العيوب والضرر، كما هناك حلول لمشكلة الإسكان منها منازل صينية وكورية جاهزة وتقدر تكلفتها بـ150 ألف ريال حيث تنشأ في وقت سريع وبتكلفة أقل وبمواصفات ومعايير ممتازة، حيث تبنى مثل هذه المنازل للجيش السعودي والحرس الوطني في المدن العسكرية، فلماذا لا تستخدم هذه المنازل وتحل بها مشكلة الإسكان التي تؤرق الدولة وتؤرق المواطن، ولماذا لا يسمح بتعدد الأدوار في الأحياء الجديدة كافة في جميع مدن المملكة، وأن يحول الصندوق العقاري لشركة مالية مساهمة ما بين قطاعات الدولة كصندوق الاستثمارات العامة والتقاعد والتأمينات الاجتماعية والزكاة والدخل مع قبول مساهمة القطاع الخاص كالبنوك والشركات الرائدة ولحل مشكلة الإسكان تحتاج لحلول سريعة وصارمة حتى لا يكون هناك تهاون أو عبث من النفوس الضعيفة لأن غالبية المواطنين لا يجد أي الواحد منهم مكانا في وطنه يمتلكه ليعيش فيه?