فضل بن سعد البوعينين
أكد الناطق الرسمي باسم عاصفة الحزم العميد ركن أحمد عسيري على تورط إيران؛ و»حزب الله» في تدريب الحوثيين ومدهم بالأسلحة والخبراء العسكريين. وزير الخارجية الأميركي جون كيري أكد أيضا علم واشطن بوجود دعم إيراني مستمر إلى داخل اليمن، وقال إن بلاده «لن تقف مكتوفة الأيدي لما يزعزع أمن المنطقة».
كتبت غير مرة في «الجزيرة» عن التمويل الإيراني للحوثيين؛ والأسلحة النوعية المقدمة لهم؛ إضافة إلى الدعم اللوجستي والتدريب النوعي. لم يكن ذلك الدعم غائبا عن أمريكا يوما؛ فهي المسيطرة على قنوات التحويلات المالية الدولية؛ والممرات الجوية والمائية؛ والمُطلعة من خلال أقمارها التجسسية وأجهزتها الإستخباراتية على حركة الأسلحة في المنطقة. الصمت الأميركي تحول فجأة مع تغير الأحداث إلى ضجيج دبلوماسي غير مسبوق. يقال أن «العبرة في الأفعال لا الأقوال»؛ وهو أمر لم يتضح من الحليف الأمريكي بعد.
نجحت إيران، خلال السنوات الماضية، وبعلم أمريكا والمجتمع الدولي؛ بإغراق الحوثيين بالأموال والسلاح؛ وتمكنت من تدريبهم في إيران؛ وجنوب لبنان؛ بل إنها أستطاعت أن تحول بعض الجزر الأفريقية في البحر الأحمر إلى مواقع تدريب متقدمة؛ وقريبة من اليمن. لولا ذلك الدعم النوعي وغير المنقطع؛ لما استطاع الحوثيون حماية مواقعهم الأصلية؛ عوضا عن السيطرة على كامل الأراضي اليمنية.
بعد سيطرة الحوثيين على الأرض؛ أرسلت إيران مجموعات عسكرية وتدريبية للقيادة والتوجيه والتدريب ؛ إضافة إلى الأموال الضخمة التي إستطاعت من خلالها استمالة بعض القبائل؛ وتجنيد القياديين لخدمة أهدافها الإستراتيجية. يبدو أن المال الإيراني القذر؛ التقى بأموال علي عبدالله صالح فأسهما بشكل كبير في دعم الحوثيين الذين استخدمهم صالح كغطاء لأطماعه السياسية.
كشف السلطات اليمنية خلال المواجهة السعودية الحوثية الأولى؛ عن مخازن أسلحة إيرانية الصنع، ووجود أعضاء من الجيش الجمهوري الإيراني في المناطق القتالية يؤكد الحضور الإيراني القوي في اليمن، وأهدافهم الإستراتيجية في المنطقة؛ قبل اشتعال الثورة التي أطاحت بعلي عبدالله صالح. أصبحت علاقة إيران بالحوثيين علاقة وثيقة تعتمد في مدخلاتها على الدعم المالي، العسكري ، القيادي والتخطيط الإستراتيجي المستقبلي، والتوجيه المشترك من قبل الاستخبارات الأجنبية.
يبدو أن السيد «كيري» ركز في تصريحاته على الدعم الإيراني الأخير للحوثيين؛ وأغفل التمويل المالي السخي والسلاح النوعي الذي حصلته عليه جماعة الحوثي من إيران خلال الثلاث سنوات الماضية!. الحقيقة أن التمويل الإيراني للحوثيين؛ سبق وقت تنفيذ العمليات الميدانية بكثير؛ بل إنه سبق تحالف الحوثيين مع الرئيس المعزول، في خطوة إستراتيجية متقدمة؛ تحسبا للموعد المُنتظر.
تقوم الجماعات الإرهابية والانقلابية المدعومة من الخارج بتخزين السلاح والأموال النقدية، في الأوقات الطبيعية لتجنب إثارة الشبهات. العلاقة التمويلية والعسكرية بين إيران والحوثيين كانت أكبر من أن تُخفى؛ وأعظم من أن تُهمل. يبدو أن الظروف السياسية الدولية لم تساعد؛ دول المنطقة؛ على اتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة التمويل الإيراني والتدخل النوعي في اليمن؛ خاصة أن الأهداف المستترة لدى الحوثيين لم تسمح لهم بالتدخل المباشر؛ وهو أمر كان من الممكن تعويضه بالعمليات الاستخباراتية النوعية.
مخططات الحوثي وأعوانه جاءت بدعم مباشر من طهران؛ التي وفرت المال، والسلاح النوعي والدعم اللوجستي؛ وسعت جاهدة للحصول على التغطية الدبلوماسية من خلال روسيا؛ التي ما زالت تعرقل بعض القرارات الأممية الحاسمة.
إضافة إلى الأسلحة الإيرانية؛ نجح الحوثيون بعد سيطرتهم على صنعاء بالاستيلاء على منظومة الأسلحة التابعة للجيش اليمني؛ ومن بينها الصواريخ البلاستية التي كان من الممكن أن تستخدم لضرب العمق السعودي لولا الله أولا؛ ثم ضربات عاصفة الحزم الاستباقية المفاجئة التي دمرت الجزء الأكبر منها؛ وأسهمت في إجهاض مخططاتهم في المنطقة.
التمويل الإيراني للحوثيين ما زال قائما؛ في الوقت الذي بات فيه علي عبدالله صالح مصدرا للتمويل الداخلي؛ وهذا يستدعي اتخاذ إجراءات مالية أكثر شدة؛ وقرارات دولية ضد القيادات الحوثية, وأبناء علي عبدالله صالح الذين يديرون حسابات مصرفية بأسمائهم؛ إضافة إلى إيران المسؤولة عن إغراق اليمن والمنطقة بالسلاح. عاصفة الحزم في حاجة ماسة إلى الدعم الدبلوماسي القادر على استصدار قرارات أممية ضد القيادات الحوثية وأبناء علي صالح وقيادات جيشه الموالي له وإيران؛ تُركز بشكل رئيس على الحسابات المصرفية؛ والتدفقات المالية القذرة؛ إضافة إلى إدراجهم ضمن القائمة السوداء.
تجفيف قنوات التمويل الإيرانية؛ وتجميد أرصدة القيادات الحوثية؛ والجماعات اليمنية الموالية؛ والرئيس المخلوع وكل من له علاقة به؛ إضافة إلى تجريمهم؛ وتجريم أعمالهم الإرهابية سيسهم في تخلي الموالين عنهم؛ خشية المحاكمات الدولية؛ وسيمهد الطريق أمام عودة الشرعية؛ وحماية اليمن من التفكك؛ والضياع. قطع التدفقات المالية عن الحوثيين وأعوانهم سيؤدي إلى انهيارهم من الداخل؛ وإنسلاخ الجماعات الداعمة لهم لأسباب مالية؛ في الوقت الذي ربما تُسهم فيه رسائل قوات التحالف التطمينية والوعد بالعفو العام؛ بتغيير الولاءات وانسحاب أفراد الجيش وقادته من دعم الحوثيين وعودتهم من جديد لدعم الشرعية؛ وحماية اليمن من الداخل.