فضل بن سعد البوعينين
قَفزت أسعار النفط بشكل مفاجئ متزامنة مع بدء انطلاقة «عاصفة الحزم» الموجهة لإحقاق الحق وردع الانقلابيين الحوثيين وأعوانهم وإعادة الشرعية في اليمن. لم تستطع الأسعار المحافظة على مستوياتها المرتفعة بعد أن تبددت مخاوف الأسواق من تأثير المواجهة العسكرية على التدفقات النفطية. أدركت السعودية أهمية أمن واستقرار اليمن وشعبه؛ وانعكاساتها على أمن المنطقة؛
وأمن الطاقة الأكثر أهمية للدول الغربية. السماح بتغلغل إيران في اليمن وسيطرتها على أراضيها وقرارها السياسي من خلال الحوثيين يعني جر المنطقة برمتها إلى حافة الفوضى والنزاعات العسكرية الدائمة. يعتمد المخطط الإيراني التوسعي على زعزعة الأمن وخلق النزاعات الإقليمية واستغلال النفس الطائفي للسيطرة على المناطق العربية. ويستهدف بمخططاته الإستراتيجية منطقة الخليج المستقرة والغنية بالنفط؛ والسيطرة على مضيق باب المندب؛ المتحكم إلى جانب مضيق هرمز؛ في صادرات النفط الخليجية والتجارة الدولية؛ ما قد يتسبب في جر المنطقة إلى تدخل أجنبي تحت ذريعة «حماية منابع النفط» وضمان الإمدادات العالمية. لذا أدركت السعودية أن قرار الاستجابة لدعوة الرئيس عبدربه منصورهادي وحماية الشرعية ومواجهة الفتنة اليمنية التي تحركها إيران من خلال الحوثيين وأعوانهم هو الخيار الأمثل المحقق لأمن واستقرار اليمن؛ ومصلحة شعبه واقتصاده؛ وبالتالي استقرار المنطقة؛ ودول الخليج؛ وحماية اقتصادياتها من أية تداعيات مستقبلية.
استهدفت القوات الإيرانية خلال الحرب العراقية الإيرانية؛ ناقلات النفط للإضرار بمصالح الدول الخليجية؛ وعرقلة تصدير النفط إلى الأسواق العالمية وبالتالي الإضرار بالمصالح العالمية وجرها للمنطقة.
في العام 2010؛ وبعد إقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على إيران، تركزت في قطاعي الغاز والنفط؛ إضافة إلى إدراج البنك المركزي الإيراني على القائمة السوداء وحظر التعاملات الأمريكية معها؛ قامت إيران بشراء مجموعة من الزوارق الحربية السريعة من إيطاليا، وغواصات صغيرة من كوريا الشمالية، بهدف القيام بعمليات عسكرية في مياه الخليج العربي وعرقلة صادرات النفط الخليجية. آوت إيران قادة تنظيم القاعدة ووفرت لهم الدعم التام لتنفيذ عمليات نوعية تستهدف المنشآت النفطية السعودية؛ إضافة إلى دعمها المباشر لعصابة الحوثي التي حاولت التسلل عبر حدودنا الجنوبية؛ مفتعلة حربا عبثية. تحولت مغامرات إيران مع جماعة الحوثي؛ بعد دحره من الحدود السعودية؛ إلى الداخل اليمني؛ وعقدت إتفاقيات مع بعض القوى السياسية والعسكرية لفرض سيطرتها؛ وبالتالي ضربها أمن اليمن وإستقراره؛ وتهديدها السعودية ومنطقة الخليج؛ والأمن القومي العربي بشكل عام. شكلت إيران من خلال جماعة الحوثي؛ و قوات صالح ميليشيا عسكرية تمكنت من السيطرة على مفاصل الدولة؛ حتى باتت متحكمة في غالبية المناطق اليمنية ما قادها إلى إعلان الانقلاب على الشرعية؛ ومحاصرة الرئيس هادي في قصره؛ ومن ثم ملاحقته ومحاولة قتله في عدن. سيطرة جماعة الحوثي وأعوانه؛ المدعومة من إيران؛ قادت اليمن إلى حافة الانهيار؛ وبدأت في تهديد منطقة الخليج بأسرها وفي مقدمتها السعودية؛ ولولا الله ثم القرار الحكيم الذي اتخذه الملك سلمان بن عبدالعزيز بإطلاقه «عاصفة الحزم» لإقرار الحق وإعادة الشرعية وحماية اليمن وشعبه. رأت السعودية أن قرار الاستجابة لدعوة الرئيس هادي وحماية الشرعية ومواجهة الفتنة اليمنية التي تحركها إيران من خلال الحوثيين وعلي صالح وأعوانهم هو الخيار الأمثل الذي سيحقق الحماية التامة لليمن وشعبه واقتصاده؛ وسيحمي دول الخليج واقتصادياتها من أية تداعيات مستقبلية؛ وسيدعم الأمن القومي العربي.
لم تكن «عاصفة الحزم» موجهة لضرب اليمن؛ بل لحمايته من عصابة الحوثي والسيطرة الإيرانية؛ وإنقاذه من الحرب الأهلية التي خططوا لها بعناية من خلال «صفقة الخيانة الكبرى» التي تجاوزت مضامينها، خيانة اليمن وشعبه إلى خيانة دول الخليج والدول العربية قاطبة.
الأمن والاستقرار قاعدة الاقتصاد الصلبة؛ وفقدانهما قاد الاقتصاد اليمني إلى الانهيار التام؛ ومن المتوقع أن تُحدث الأزمة اليمنية في حال تطورها أثرا كبيرا في اقتصاديات دول الخليج؛ والاقتصاد العالمي الذي يعتمد بشكل كلي على النفط. المواجهه الحاسمة للقضاء على الانقلابيين وأعوانهم ومن يقف خلفهم؛ كانت الخيار الوحيد المتاح أمام السعودية وحلفائها؛ وبرغم عدالة القرار ومشروعيته؛ إلا أن الإقدام عليه لم يكن بالأمر المحبب. عندما تُفرض عليك الحرب فلا مناص من مواجهتها لدحر الظلم ونصرة المظلوم وحماية الدولة ومقدرات الشعوب؛ وهذا ما أكده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في قوله «وفي الوقت الذي لم نكن نتمنى اللجوء لهذا القرار، فإننا نؤكد أن الرياض تفتح أبوابها لجميع الأطياف السياسية اليمنية الراغبةفي المحافظة على أمن اليمن واستقراره». دعوة سلام دائمة من أرض السلام التي رأت في المواجهة العسكرية علاجا للأزمة اليمنية؛ وعودة للشرعية؛ وحماية للشعب اليمني ومقدراته؛ والمنطقة بشكل عام.