د. خيرية السقاف
لأننا في الحياة فنحن أبناؤها..
ولأننا نعيش فلأننا نأكل، نشرب، نتنفس..
ننام، نستيقظ..
نضحك، نبكي..
نفرح، نحزن..
نتاجر فيها بين أخذ، وعطاء..
كلما أعطينا صفاءً كسبنا نَميرا..
تلك بكرة الساقية تدور في ذهابها، وإيابها،...
تضخ بيننا، وبين مكونات حياتنا..!
بقدر ما نعمل نحصد،..
بقدر ما نبذل نجني..،
وبكيف ما نزرع نُثْمر..
وتجارتنا في الحياة لمعاشنا الدنيوي..
لكننا نتاجر نحواً آخر قد لا نراه، ولا نلمسه، وإن كنا نفعله..،
ولا نلمس حصاده كما نلمس حصادنا في الحياة الدنيا..
نوفره لتلك التي نحلم بها..،
يتضخم خيالنا عنها...،
يتمادى شغفنا نحو تفاصيلها..،
نخفق شوقاً إليها..!
تجارتنا ليست مع بشر مثلنا، وإن كانوا السبيل إليها..
تجارتنا لها نبتسم، نتلطّف، نعين، نخلص، نفي، نؤثر، نتكافل، نصفح، نَصل، نقيل، نشد،...
نتاجر نتاجر.. ليلنا الساكن إلا من خفق..
ونهارنا المتحرك دون فتور..
من أجلها تجارتنا معه وحده.. وحده معه..
نطيعه، نتقرّب إليه، نتجاوز لأجله، نغض الطرف لرضاه،..
فكل فعل نُونيٍّ يصدر عنَّا نقدمه بين يديه وحده تعالى...
تلك تجارتنا التي لا تخسر..،
وإن خسرنا مع أبناء الحياة في تجارة الدنيا..،
لكنه الذي لا نخسر معه ونحن نتاجر معه ليجعلها لنا سلاماً وحناناً، ووداً واقتراباً...!
فلتكن تجارتنا المؤمَّلة، هي غايتنا المرجوة، ..
وهي سبيلنا الذي لا نقطعه، ولا ينبتُّ بنا..
فالله سبحانه وحده الذي لا يخسر من يتاجر معه بصدق..
فكلنا تجار ولكن، مع من..؟!