ناصر الصِرامي
السعودية التي ضربها الإرهاب أولاً وحتى قبل الحدث الأشهر (11-9)، وهي في مواجهة لا تتوقف مع الإرهاب والتكفيريين مهما كان مرجعيتهم الدينية أو مذهبهم. لا فرق، الفرق هو في الفعل فقط.
ظلت الرياض ضد كل عمل أو جماعة إرهابية، مهما كانت منطلقاتها الدينية والسياسية، ليس فقط ضد تكويننا الجغرافي الوطني، بل وحتى لا يكون هذا الإرهاب وسيلة لتشويه صورتنا، صورة الإسلام.
تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، ورغم كل ما فيه من جدل حول تشكله وهويته، لكنه وفق الأدبيات العامة، يعد تنظيماً ينتمى للسنة، كما كان الحال مع تنظيم القاعدة المفكك، والذي مارس كل الخدع القذرة لإرهاب بلادنا وتخريب استقرارها لأكثر من عقد دون توقف أو ملل، ولم يمنعه إلا الكفاءة الأمنية العالية السعودية داخلياً، والمعلومات الاستخبارتية الدقيقة التي حمت البلاد من الكثير من الأضرار الكبيرة.
ويسجل اليوم للمملكة مواقفها الشجاعة في تعرية «داعش» أمام العالم، فمواقفها السياسية تلك كانت خلف استجابة المجتمع الدولي للتحرك -العسكري لمواجهة الخطر الداعشي الإرهابي.
وقوف المملكة ضمن هذه المنظومة الدولية في وجه هذه المنظمات والجماعات الإرهابية يعيد التأكيد التزام المملكة ومبادراتها من أجل القضاء على الإرهاب والمنظمات التي تعمل في العلن والخفاء مهما كان مذهبها أو مشربها، كما التزام المملكة تجاه الاستجابة لاستغاثة ونداءات العرب والمسلمين من جور تلك المنظمات الإرهابية.
فقد كانت السعودية أول من حذر العالم، أنه إذا لم يتحرك الغرب لمواجهته سوف يصل إليهم، إلى أوربا وأمريكا.. ذاك الخطاب المباشر من الراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو من حرك تحالفاً دولياً لمواجهة خطر الإرهاب في المنطقة، وكانت بلادنا هي أول من شارك في التحالف الدولي لضرب تنظيم «داعش» الإرهابي ودعم المعارضة السورية المعتدلة، وأول من أرسل أبناءه إلى ساحة المعركة، كان ولي العهد ووزير الدفاع -حينها- الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث شارك الأمير خالد بن سلمان في الضربات الجوية فور انطلاقتها..
فالسعودية واجهت آفة الإرهاب لسنوات وقامت بمكافحته داخلياً وخارجياً، دون تميز للجنس أو الطائفة أو المذهب، وما زالت تفعل بإصرار وعزم كبيرين.
الدول الحديثة لا تقوم أبداً على حس طائفي، لكنها المليشيات الإرهابية سنية أو شيعية هي من تتحرك في هذا الفضاء، مدعومة بدولة حريصة كل الحرص على ضخ النفس الطائفي، ورفع حالة الاحتقان المذهبية لتحقيق أهدافها السياسية وطموحاتها الثورية والعدائية.. وتلك إيران نموذجاً!
في كلمته أمام القادة العرب -السبت الماضي- أعلن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز بوضوح، إلى أن التدخلات الخارجية في المنطقة العربية نشرت قوى الإرهاب والشر، وأن التدخلات الخارجية أسهمت في تأسيس الميليشيات الإرهابية الخارجة عن منطق القانون والدولة، والتي تسعى وتخطط بشكل مستمر لهز أركان واستقرار الدول العربي وأمنها..
وجماعة الحوثي المتمردة والمنقلبة على الشرعية مثال صارخ على هذه الميليشيات المدعومة من قوى الشر الإيرانية، وهدفها الوحيد هو تخريب اليمن وتهديد العرب، وهو فعل إيراني متكرر في أكثر من بلد عربي!
لكن هدف عاصفة الحزم التي غيرت الموازيين في أقل من ساعة أصبح واضحاً الآن، كما كلمات الملك الحازم سلمان، «الخروج باليمن إلى بر الأمان، الأمر الذي سيكفل عودة الأمور إلى نصابها الصحيح والشرعي».
الخطاب من الملك مباشرة كان واضحاً في حزمة ضد الإرهاب وضد الطائفية معاً «أن يعود من تمرد على الشرعية لصوت العقل، والكف عن الاستقواء بالقوى الخارجية، والعبث بأمن الشعب اليمني العزيز، والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب، وسوف تستمر عملية عاصفة الحزم حتى تتحقق هذه الأهداف لينعم الشعب اليمني - بإذن الله - بالأمن والاستقرار».
صحيح أن الباب العربي مفتوح لكل القوى السياسية التي تسعى لاستقرار اليمن، لكن بعيداً عن التدخلات الخارجية الهادفة إلى زعزعة المنطقة وجرها للفوضى. هذا الأمر الذي لن تسمح السعودية بحدوثه بعد الآن.