حمد بن فراج الجمهور
قالت العرب: اتق غضبة الحليم، وفي الأمثال العربية جاء التحذير أكيداً من غضبة الحليم لقوة ردعها وقوة تأثيرها.. فبعد الحلم والصبر إن جاء بنتيجة فهو المتوخى، وإلا فإن الرد سيكون موجعاً.
هذا الواقع الذي لمسناه في عاصفة الحزم التي انطلقت بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيده الله - لنصرة الشرعية في اليمن ممثّلة بالرئيس اليمني الذي طالب المملكة والعرب بالتدخل لطرد الغزاة ولدك الحوثيين البغاة..
والمملكة من سياساتها ودبلوماسيتها الحكيمة طوال العقود المنصرمة منذ عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - مؤسس المملكة وموحدها على الكتاب والسنّة منذ أكثر من 117 سنة مضت، وهي دولة العدل والحق وتحكيم الشرع المطهر القائم على الصدق وحفظ المواثيق ونبذ الظلم والاعتداء وحفظ حقوق الجيران، وهذه المنطلقات السلوكية هي التي سارت عليها المملكة في سياساتها طوال هذه العقود الماضية، وما زالت وحينما زاد الخطر الحوثي تبنت المملكة الحوار والحل اليمني رغبة في الحل السلمي، وأن تعود القيادة اليمنية والمؤسسات الحكومية لممارسة مهامها لخدمة اليمن وشعبه، ولكن في ظل التعنت الشيعي المدعوم من دول خارجية الذي يهدف إلى زعزعة اليمن وخلق الفرقة والتناحر بين كافة أطيافه ومكوناته السياسية والشعبية وخروج الحوثيين على الشرعية، وما يُشكّله هذا التمدد الشيعي الذي بدأ يهدد ليس اليمن وشعبه فحسب، ولكن المنطقة برمتها كان للملك رد حاسم لم يتوقعه الكثير من المتابعين، لكنه الملك سلمان يهب في الشدائد لنصرة المستغيث ونصرة السلطة والشعب المتضرر من الجور والظلم الحوثي.. هذه الخطوة أحيت في النفوس ظهور قائد عربي شهم ومخلص لدينه وأمته ليقضي على الفتنة الطائفية في شبه الجزيرة العربية.
وبفضل الله تعالى وتوفيقه تحقق تقدم كبير لقواتنا المسلحة على الحوثي وأعوانه ولله الحمد والمنة ومن عقيدة المسلمين أن النصر هو من عند الله تعالى، حيث قال لنبيه عليه الصلاة والسلام وأصحابه: {وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (10) سورة الأنفال.
ولا شك أن حكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين واتخاذه القرار الحازم في الوقت المناسب كان له بالغ الأثر بتوفيق الله في دحر هذه الجماعة والقضاء على قوتها بشكل سريع ومتقن ولله الحمد، وقد تناسب مع هذا التخطيط العسكري المتميز مسار آخر في غاية الأهمية، وهو النجاح الدبلوماسي فرغم أن الفترة التي اتخذ فيها قرار البدء بالعمل العسكري كانت فترة قصيرة جداً، إلا أن المسار الدبلوماسي نجح نجاحاً كبيراً في الاستعانة بعدد من الدول الشقيقة وتأييد معظم دول العالم .
ومن المؤكد أن المواقف العسكرية الحازمة والنجاح الدبلوماسي لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أظهر وبجلاء مدى التكاتف بين هذا الشعب السعودي والشعب الخليجي بشكل عام مع قياداتهم وحرصهم على استتباب الأمن والاستقرار في أوطانهم، كما أنه يؤكد على الوقوف بحزم أمام كل من تسوِّل له نفسه العبث بأمن دول الخليج أو التفكير في الاقتراب من أي دولة منه.
إن نجاح الحملة العسكرية بقيادة المملكة العربية السعودية بفضل الله وتوفيقه هي رسالة واضحة لكل من سوَّلت له نفسه التدخل في الشؤون الداخلية لليمن أو أي بلد آخر من البلاد العربية أو الإسلامية، وإنها بداية للجم الأطماع التوسعية الإيرانية التي تأذّى من ظلمها الشعب السوري الشقيق، ثم الشعب العراقي الشقيق.
ولضمان نجاح الحملة العسكرية، فإن الواجب على الجميع من الشعب الكريم بمختلف شرائحه الوقوف وقفة رجل واحد محب ومخلص، وإظهار الحب والولاء والفداء للوطن وقيادته، وإرسال الرسائل للأعداء بأن الوطن كتلة واحدة نضحي بالغالي والنفيس في سبيله ودون ترابه، وأن يتوجه الجميع إلى الله عز وجل في صلواتهم ودعائهم لنصرة الجيش السعودي البطل، فالنصر من عند الله سبحانه وتعالى.
اللهم انصرنا على البغاة المعتدين، واحفظ بلادنا وقيادتنا وشعبنا وجنودنا البواسل.