د.خالد بن صالح المنيف
1. الاستمتاعُ المتبادَل: وقد رأيتُ زوجيْن وصلا للسبعين -أو يزيد- في إحدى الحدائق، وقد اقتربا من بعضهما، كطائريْن حالميْن، أو كعروسيْن في شهر العسل! وقد أعجبني كثيرًا بل وأدهشني روعةُ إنصاتِ كل طرف للآخر، والمتابعة المهتمة لحديثه؛ مما يدل على استمتاع كبير ونشوة بالغة، وهي مؤشر قويٌّ لقوة العلاقة، ولن يُشار لعلاقة ما بأنها قوية إذا كان الوقت يمر بين أطرافها مملاًّ وكئيبًا!
2. الاحترام والتقدير: ولا يُتوقَّع من علاقة أن تكون وثيقةً وقد اعتاد طرفٌ على رمي الإهانات وتمريغ كرامة الطرف الثاني باحتقاره، وبالنقد الجارح وتصيُّد الأخطاء والتشهير بها؛ فالاحترام المتبادل أساسٌ في قوة العلاقة.
3. حفظ الصورة الكبيرة: وهو مبدأ قائمٌ على عدم السماح لتصرف ما أو خطأ صغير بنسف العلاقة؛ فمهما كانت الضغوطُ، ومهما كانت النفوس في مكان ضيقٍ، لا يُلوَّح بهجر ولا يُهدَّد بفراق، بل يُبذَل أقصى الجهدِ لحماية العلاقة والحفاظ عليها في كل الأوقات.
4. وجود الذكريات المشتركة: فهي تصنع رباطًا وثيقًا تسلي النفوس وتسرّي الهموم، ولا يهم كونها ذكرى جميلة أو أليمة؛ بل يؤكد جون ماكسويل على أن الأليمة أكثر إمتاعًا! فالذكريات الجميلة تعطر الأجواءَ، وتضفي على الروح الفرحَ، وتحسِّن النفسيات، والأليمة توحِّد المشاعرَ، وترقِّق القلوب، فيكفي أن يتذكر صديقان أو شريكان ذكرى مشتركة ويحلقا بمتعة في تفاصيلها.
5. المؤازرة في أوقات الشدة: فلا يمكن أن توصف علاقةٌ بأنها قويةٌ وهي حاضرة فقط في أوقات السعة والرخاء، عمادها ضحكٌ وتسلية، فمن لم تقف معه ويقف معك في الأزمات فاعتبر أن علاقتكما أقل من عادية! وكذلك التفاعل في أوقات الفرح والمشاركة في أوقات البهجة والاحتفال بالشريك أو الصديق حال المناسبات السعيدة وعدم الاكتفاء بتهنئته، ومن هذا أيضًا تفقُّده حالَ غيبته، والسؤال عنه والتواصل معه.
6. الثقة المتبادلة: فكيف تقوى علاقةٌ وأطرافها لا تجمعهم الثقة؟ يخشى أحدهم من الآخر أن ينال منه في غيبته أو أن يفشي سره أو يعيره بعيب اطلع عليه! وما أروع قول الفيلسوف رالف إيمرسون: «ليست قوة العلاقة ولا روعتها في ابتسامة الصديق أو الشريك ولا بهجة صحبته، بل في قوة الإلهام الذي تناله عندما تكتشف حجم ثقته فيك»! والثقة بحسب صاحب كتاب الفوز مع الناس: «هي الأساس المتين لكل علاقة؛ فمتى توارت واختفت هزلت العلاقة وذبلت».
7. القدرة على تجاوز المشكلات: وحلها بعقل وهدوء ونضج، شفافية ووضوح، هدوء وتروٍّ، حُسن ظن وجودة إنصات، فمشاكل الكبار متى حلت بوسائل الصغار من اعتداء وتسلط أو هجر طويل كانت مؤشرًا قويًّا لضعف العلاقة.
8. ومن أهم الأمور ما يسمى بقانون المنفعة المتبادلة: فلن تدوم علاقةٌ، ولن تصمد صداقةٌ إذا كان هناك طرفٌ يعتمد كلية على الطرف الثاني في العطاء، والواقع يثبت أن علاقات الطرف الواحد لا تبقى ولا تدوم؛ فإذا كنتَ الوحيد الذي يعطي ويُعتَمد عليك فأتِح الفرصةَ للطرف الثاني ليعطي! وإن كنتَ تتلقى ولا تقدِّم للطرف الثاني شيئًا فتوقَّف وأعِد النظرَ وقدِّم ما يشفع للعلاقة أن تدوم، وما أروع تشبيه العلاقات بالحساب البنكي الذي لا يمكن أن يستمر بسحب دون إيداع، ولا قيمة له بإيداع دون سحب!
ومضة قلم:
*الاكتشافُ الحقيقيُّ ليس أن تجد أرضًا جديدة؛ وإنما أن ترى بعيون جديدة!