د.خالد بن صالح المنيف
تحكي إحدى الأساطير أن ساحرة شريرة سجنت فتاة شابة في إحدى القلاع وكانت ما تفتأ تكرر عليها أنها إنسانة قبيحة وسيئة، وفي ذات يوم مرَّ على القلعة شاب وسيم وإذ به يفاجأ بتلك الفتاة الباهرة الجمال وتحدث إليها مبهورًا بما شاهده من قدٍ رشيق وخدٍ أسيل وطرفٍ كحيل، فأعجبت به وألقت إليه بضفائرها الطويلة ليستعين بها على تسلق القلعة لينقذها، والغريب أنها اكتشفت متأخرة أن من سجنها هو إحساسها بالقبح والدونية وليس الساحرة!
بعد تأمل وجدت أن السبب الرئيس في تدني الثقة بالنفس وشح الإنجازات وتوتر العلاقات ورتابة الحياة وضعف الإنتاجية يكمن في عدم وجود علاقة (عاطفية) تخفف الأحمال وتعيد للحياة رونقها، والجميل أن اختيار المحبوب في تلك العلاقة لا يحتاج إلى جهد مبذول ولا إلى مغامرات حمقاء! إضافة إلى أن النتائج ستكون إيجابية على الصعيد الشعوري والسلوكي... تلك العلاقة هي العلاقة مع النفس، باختصار أحبَّ نفسك!:
لقد أكد علماء النفس أن الخطوة الأولى والأهم نحو تحقيق النجاحات والوصول إلى الأهداف وإقامة العلاقات المتميزة هي حب الذات واحترامها، فإذا كنا لا نستطيع أن نحب أنفسنا فمن أين نستمد الحب الذي نمنحه للآخرين ؟ يقول د. ميلدريد نومان: «إن الإنسان إنما خلق ليفوز ولكن للأسف هو من يهيئ نفسه للخسارة إذا كره نفسه!!»
فكم من كارهٍ لنفسه سجنها في قفص ضيق وهو يملك من الإمكانات الكثير ولكن للأسف بددها ولم يستثمرها!
- هل يحب نفسه من لا يستحضر سوى تاريخه السلبي؟
- هل يحب نفسه من لا يعتني بها ولا يعمل على التطوير والتجديد؟
- هل يحب نفسه من يخذلها ويهينها ويجلدها عند أدنى خطأ؟!
- هل يحب نفسه من يستأثر بكل شيء ولا يقدم شيئًا للآخرين؟
أحسبك أيها العزيز لا تجهل الإجابة الصحيحة!
وتلك إشراقات أحسب أنها ستعيد الدفء والألق لعلاقتنا مع أنفسنا:
1 - كن طيبًا معها رقيقًا في حال الزلل وتعامل معها كما يتعامل الأب مع ابنه وتحمله إياه وهذا لا يمنع من المساءلة والمعاتبة والعمل على تطويرها والارتقاء بها.
2 - غير الصورة التي تفكر بها عن نفسك، فالأمور تتغير بمجرد تغيير الصورة، فمثلاً عندما تتحدث معها على أنك شخص محبوب فسوف تكون قادرًا على تعلم وتطبيق فنون كسب الآخرين.
3 - تقبلها تقبلاً غير مشروط ، تقبل وزنك وأسرتك ووضعك المادي وشكلك وأي نقطة ضعف ثم اعمل على تقويتها.
4 - مواجهة المشاكل بثقة وثبات والتخلص من حيل الهروب وتحميل الآخرين المسؤولية.
5 - من يحب نفسه ليس مضطرًا أن يبرر للآخرين تصرفاته، ولا يجد أي صعوبة في أن يقول لا عندما لا يريد، ولا يلهث نحو إرضاء الآخرين.
6 - اقبل الثناء ولا ترفضه كما يفعل الكثير ويبررون تصرفهم بأنه من باب التواضع وهو أقرب ما يكون للاستكانة والانهزامية، ومعه يوجه رسالة سلبية للذات بأن كل إنجازاتها مردها للمصادفة أو مجاملة الآخرين!
7 - لا تقارن أفضل ما عند الآخرين بأسوأ ما لدينا، فجزمًا لديك من المهارات ما تتفوق به على الملايين.
8 - احذر المقاييس العالية والمثالية المبالغ فيها، واطرح المعايير غير الواقعية.
9 - من أروع الطرق المعينة على إقامة علاقة حب مع النفس هو القيام بسلسلة من المنجزات الصغيرة وهو ما يدفع للقيام بأعمال أعظم، ثم كافئ نفسك بعد كل منجز تقدمه أو هدف تحققه.
10 - افصل بين السلوك والشخصية، فتصرفك السيئ لا يعني أنك إنسان سيئ!
11 - عدم الخلط بين الفشلين، فالفشل في التجربة لا يعني الفشل في الحياة!
12 - تحدث عن نفسك بطريقة جيدة، وإن لم يكن لديك شيء حسنٌ تقوله عنها فلتسكت ولا تقل شيئًا!
13 - اعمل الخير للآخرين دون تردد ودون القفز على الأولويات، وافرح بنجاحاتهم فالحسد من علامات كارهي أنفسهم.
14 - وأخيرًا استحضر قيمتك العالية كإنسان مكرم بعقل واستخلاف، ومعه عقيدة تتسامى بك إلى أعلى المراتب.
ومضة قلم :
ما فائدة الدنيا الواسعة، إذا كان حذاؤك ضيقاً؟