ثامر بن فهد السعيد
من المعلوم، أن قرار الدخول إلى الأسواق المالية والاستثمار فيها، يحمل في طياته على خط متوازي مع تنمية المدخرات وتحقيق الأرباح، قبولاً لتحمل كافة التقلبات التي تحدث في السوق، والمخاطر النظامية وغير النظامية. ولأن أسواق المال في طبيعتها تميل إلى الحساسية المفرطة ولاستباقيه لأي أحداث قد تؤثر على اتجاه السوق النتائج المالية أو المنظور الاقتصادي، بدأ المنظمون في الأسواق المالية العمل على زيادة مستوى الشفافية فيها، لضمان العدالة في وصول الأخبار لجمهور المتعاملين في وقت واحد، من خلال قنوات رسمية تعتمدها هذه الجهات لإيصال أخبار الشركات المدرجة، ما جعل من مستويات الشفافية والعدالة في الانتفاع بالمعلومة وزناً ثقيلاً في تقييم الأسواق وتطورها وتحولها من مبتدأه إلى ناشئة ومتطوره.
ففي السوق المالي السعودي، تعتبر «تداول» هي موطن الأخبار الرئيسة للشركات المدرجة وللسوق المالية نفسها، فأي معلومات يفصح عنها خارج إطار تداول يعد عملا غير نظامي تعاقب عليه التشريعات المقره من هيئة السوق المالية السعودية. وقد سبق وصدرت مخالفات لبعض شركات السوق المالية إما لصدور أخبار جوهرية خارج الإطار الرسمي لأخبار شركات السوق، أو للتأخر من الشركات المدرجة في الإفصاح عن التغيرات الجوهرية التي تتم في الشركات المدرجة وإدارتها التنفيذية.
نعلم جيداً، بأن الهيئة في السنوات الأخيرة بدأت برفع مستويات الإفصاح والشفافية، إلا أننا لا زلنا نطمع بالمزيد من الشفافية، فتحمل مخاطر الأسواق وتداعياتها شيء ووصول المعلومة بشكل عادل إلى كل الأطراف شيء آخر.
عملت هيئة السوق المالية السعودية على زيادة مستويات الإفصاح، وضمان التعاملات النظامية في السوق المالية منذ تأسيسها، فلائحة سلوكيات السوق في أبوابها الستة وموادها الإحدى والعشرون تعمل على ضبط علاقة التعامل مع الأسواق المالية والأشخاص التي رخصت هيئة السوق المالية لهم والتعاملات بناء على معلومات داخلية، لرفع مستوى الشفافية والكفاءة في السوق المالية السعودية، وهو ما كان ملحوظاً في السنوات الماضية.
بالمقارنة مع انطلاق أعمال هيئة السوق المالية، واستكمالاً لدور الهيئة في زيادة كفاءة السوق، وتنظيم العلاقة بين المستثمرين والشركات المدرجة، تم التفعيل التدريجي ووفقاً لإطار زمني لوائح الحوكمة والتي تنشرها هيئة السوق المالية السعودية على موقعها الإلكتروني، مكونة من خمسة أبواب وتسع عشرة مادة، تعمل هذه اللائحة على ضبط العلاقة بين ملاك الأسهم وهم الشركاء في الشركة المدرجة وبين أعضاء مجلس إدارتها والإدارة التنفيذية للشركة، ولوضع هذه اللوائح وجدول تفعيلها.
استمر سعي هيئة السوق المالية السعودية في رفع مستويات الإفصاح والشفافية، إلى بداية العمل في فترة حظر للتنفيذيين وأعضاء مجالس الإدارات لكل فصل مالي، حتى تفصح الشركة المدرجة عن نتائج أعمالها كل على حدة، وتطور الأمر إلى تشريع فترة سماح للشركات في الإعلان عن نتائجها المالية الفصلية، وفترة سماح أخرى للإعلان عن النتائج المدققة والمراجعة. كل هذا التطور، ساهم في زيادة كفاءة السوق بالمقارنة مع الفترات السابقة، واليوم ونحن في بداية موسم إفصاح الشركات عن نتائج أعمالها الفصلية وبحكم التجربة السابقة للشركات المدرجة وتجارب الأسواق المالية المتقدمة أصبح من الضروري إضافة عنصر جديد إلى مستويات الإفصاح فالشركات المدرجة لديها الخبرة الآن والدراية الكافية بالوقت المطلوب لها من نهاية الفصل المالي وحتى قدرتها الإعلان عن نتائجها المالية لذلك يتوجب على الشركات أن تضع تاريخاً وتوقيتاً محدداً للإفصاح عن النتائج المالية وأخذ الأسواق المتطورة التي سبقتنا نموذجاً في هذا.
التقويم الاقتصادي والمالي للأسواق المتقدمة يحتوي في رزنامته على موعد الإفصاح والإعلان عن النتائج بشكل دقيق بل حتى بتحديد وقت الإعلان قبل أو بعد الجلسة التداول. ونحن في السوق المالية السعودية بإمكاننا تشريع تحديد الإفصاح لنكمل تقدمنا من حيث التشريعات على الأسواق المماثلة ونقترب بسوقنا إلى مراحل متقدمة أكبر, رغم يقيني بقدرة تطبيق هذا المقترح من جميع الشركات المدرجة في السوق إلا أنه لا ضرر في أن يبدأ تطبيقه بجدول زمني تكون لأسبقيه فيه للشركات الكبرى ذات التأثير على السوق واتجاهه انتقالاً إلى المتوسطة فالصغيرة ولو كون أن عدداً من الشركات بدأت تطبيق مبدأ المؤتمرات الصحفية للإفصاحات وبدأت تحديد فترات الإعلانات المتوقعة لها أصبحنا أكثر قرباً من تشريعه وجعل رزنامة السوق أكثر نضجاً.