ثامر بن فهد السعيد
تمارس 30 شركة مرخصة من هيئة السوق المالية السعودية، أعمالها في تقديم خدمات الوساطة للمتعاملين في السوق بإشراف ومتابعة من الهيئة، وأيضا فإن 39 شركة مالية مرخصة تقدم منتجاتها الاستثمارية في إدارة الأصول، كصناديق الدخل الثابت، والأسهم، وصناديق العقار، والمرابحات، وإدارة المحافظ الاستثمارية الخاصة بالعملاء الأفراد أو الشركات، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن صناديق الأسهم المحلية بلغ عددها 75 صندوقا بحسب آخر نشرات «تداول»، وتمتد هذه الخدمات إلى خدمات الاستشارة والمصرفية الاستثمارية للشركات.
نوعية الإشراف والمراقبة، تظهر قدرة هيئة السوق المالية على السيطرة والمتابعة، وخصوصا أنها أخذت في الآونة الأخيرة خطوات سريعه في اتجاه تصحيح تشريعات السوق، وسرعة تطبيقها. فعدد المخالفات المعلن عنها، وتاريخ المخالفات بالمقارنة مع تاريخ العقوبة أصبح أقل زمنيا من ما كانت عليه الأمور في وقت ماضي.
في فترات سابقة، ومنذ انهيار السوق المالية السعودية فبراير / 2006، تردد كثيرا الحديث عن صندوق صانع السوق، وضرورة تطبيقه في السوق المالية السعودية، وكان الحديث يجري تحت العديد من الأروقة الرسمية، ومر وقت طويل دون أن يجري أي جديد في مشروع صندوق صانع السوق.
من المعلوم، أن صناديق صنع السوق لها أهمية كبيرة في الأسواق المالية المتقدمة، فمثلا وعلى سبيل المثال، تحتوي بورصة لندن على 24 صندوق صانع سوق لعدد من البنوك الاستثمارية هناك، منها المحلي والعالمي. وتعد هذه الصناديق، أوعية يعتمد عليها – بعد الله – في موازنة قوى العرض والطلب في السوق، وموازنة السيولة فيه، أو في أسهم معينة، يكون لها صانع يتولى إدارة السيولة فيها بين العرض والطلب، ومن المعتاد، أن صانع السهم أو السوق يتحرك خلاف اتجاه المستثمر. فالصناديق الصانعة للسوق، تعمل بصورة فعاله للمحافظة على مستويات الطلب والعرض في الأسهم، ويكون لها قدرة السيطرة على الأسعار في نطاقات محدده تكبح تذبذب الأسعار، وتحافظ على مستوياتها التسعيريه متى ما استطاعت ذلك. وفي بعض الأسواق، يكون صانع السوق أو صانع السهم مديرا لعمليات التداول بكل شفافيه، فيكون له إعلان عن العروض المقدمة للسوق في خانتي العرض والطلب، كنوع من إدارة السيولة وعمليات التداول.
لم يكن الأسبوع الماضي أسبوعا محببا لدى الكثير من المتعاملين، خصوصا بعد تحول مسار السوق نحو التراجع خاسرا تقريبا 50% من مجموع مكاسبه المحققة خلال الربع الأول من العام الحالي، وليس هذا ما دعاني لكتابة هذه المقال، ولكن، إذا ما راجعنا أرقام السوق منذ العام 2014، وحتى مطلع الربع الأخير، كانت كل المعطيات إيجابية مع تزايد في زخم السوق.
ومنذ شهر سبتمبر، وحتى وقتنا الحالي، تراجعت أسعار النفط بشكل كبير أثر على أرباح الشركات، فحقق السوق أقل أرباحا فصلية له منذ العام 2012. إلا أن الزخم في السوق استمر، وقيم التداول استمرت في الارتفاع. ولو كان للسوق أو للأسهم صانعين، لكن السوق أكثر اتزانا في تداولاته، وأيضا لكانت حركة الأسهم والمؤشر أكثر اتزانا، لوجود قوى تحاكي وتعادل العرض والطلب في السوق وفقا للمعطيات المستجدة، والتغير في الأرباح، وتحكم المستثمرين في العرض والطلب.
اليوم، والسوق المالية السعودية، تشهد تطورا في تشريعاتها وتطبيقاتها يتزامن مع قرب الإعلان عن الموعد النهائي لدخول المؤسسات المالية الأجنبية المؤهلة إلى «تداول»، أصبح من الضروري أخذ خطوات جدية، وتحديد إطار زمني لإطلاق صناديق صانعي السوق، إلا أني أقترح بدلا من أن يكون هذا جهدا حكوميا تنظيميا أو شبه حكومي، أن يكون صنع الأسهم أو صانع السوق ينطلق بإشتراطات رقابية وتنظيمية من هيئة السوق المالية، يتم تطبيقها من الشركات المرخصة من هيئة السوق المالية، وفقا لضوابط واشتراطات تضعها الهيئة لضمان العدالة وتطبيق المصلحة الأهم، وهي حفظ اتزان العرض والطلب في السوق، وهي في تصوري أفضل استراتيجية لتطبيق صناديق صانع السوق أو صانع السهم، خصوصا وأن السوق المالية السعودية تحظى بسيولة هي الأعلى في الشرق الأوسط، وكذلك قيمة سوقية تعد الأكبر في المنطقة، ما يجعل السوق قابل لوجود أكثر من صندوق صانع للسوق.
لو طبقت الصناديق الصانعة للسوق والأسهم في فترات سابقه، لتمكنا من معالجة كثير من عوامل التذبذب الحادة الغير معلومة الأسباب، والغير مبرره في بعض الأحيان، سواء في الارتفاع أو الانخفاض الحادين، خصوصا وأن السوق المالي السعودي ناقص الأدوات، فلا خيارات ولا عقود، وإنما كل العمليات تتم في اتجاه واحد فقط.