فهد بن جليد
انتفض فجأة، ثم صرخ قائلاً - وهو يهز الصحيفة بيده - : ما هذا الهراء؟ ما هذه (اللغة الركيكة) في صحافتنا؟ لقد أصبحت اللغة في (خبر كان) بسبب هؤلاء؟!.
ثم همس في أذني، وهو ما يزال مُرتعشاً بينما نحن جلوس في انتظار الطائرة: أنا مع (سيبويه) قلباً وقالباً، وما ذهب إليه الجمهور (خطأ لغوي) فادح، فهمزة الوصل لا تتحول إلى همزة قطع في الأسماء، إلا عندما يكون أصلها فعل على نحو (ابتهل)، فترسم (إبتهال) بالقطع، ولا يوافقها رسم يوم (الاثنين) بالعين أسفل الهمزة، لأنّها عدد ولم تنقل من باب إلى آخر حتى تتغير همزتها، فالأصح أن تكتب الاثنين (بلا عين)، لا كما يدعي المُتأخرون من أهل اللغة!
هنا توقفت، وحوقلت، وقلت له حتى (الهمزة) تجمع وتُفرق يا رجل؟ ألا تصح كتابتها (بالوجهين)؟! ألا توجد أرضية مُشتركة بين سيبويه والجمهور؟ لننتهي إليها، وترتاح (يا صاح) قبل أن (ينبطُ) فيك (عرق) من كثرة التشدّق؟، وما (تعيِّن خير) كما درج - اللفظ - على لسان أهل (جنوب الرياض)؟!.
فرد علي غاضباً: نحن لا نريد إفساد لغتنا (فالقواعد ثابتة)، مهما كانت (المُفردات متطورة)، ولا ضير في تجدد الألفاظ لأن العربية أعم وأشمل، وقادرة على استيعاب كل جديد ومُستحدث، ولن أتوقف عن تصحيح الأخطاء من حولي، لأني أشم رائحة مؤامرة (لقلب القواعد) من البعض، إما لتحزبهم لرأي (الفيروز آبادي) من المُتأخرين، أو (ابن جني) من المُتقدمين؟ قل لي أين جهابذة (النحويين) و(اللغويين) الآخرين؟ لن تستقيم قلوبنا، حتى (تستقيم ألسنتنا)؟!.
صعدنا الطائرة، وأنا لم أفهم سوى كلمة (مؤامرة)، ولا أعرف هل أطلق على (البوردنق) كارت صعود الطائرة؟ أم الرقعة التي تحوي رقم تحديد مقعد الجلوس في الأعلى؟!.
واصل (الرجل) رصد الأخطاء في الجو، وطلب (وجبة دجاج) من المضيفة وهو يقول: (نو سبايسي)، فالقولون لا يتحمل، بعد كل هذه الأخطاء؟!.
ربما كانت (الهمزة مزحة)، مثل (قائمة الطعام) غير المُفعّلة، في خطوطنا الجوية؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.