محمد بن فهد العمران
بعد إعلان شركة اتحاد اتصالات (موبايلي) عن نتائجها المالية المدققة لعام 2014م و التي أظهرت تحقيق خسائر سنوية مفاجئة بقيمة 913 مليون ريال، تضمن تقرير مراجع الحسابات الخارجي لفت انتباه لنقاط هامة حول قدرة الشركة على الوفاء بأحد تعهداتها المالية أمام الدائنين بموجب تسهيلات تمويلية طويلة الأجل، وحول بعض التقديرات المحاسبية والتي نتج عنها تسجيل أعباءً إضافية بقيمة 1,133 مليون ريال في 2014م، وحول إجراءات التحكيم مع شركة زين السعودية، وأخيراً حول أثر إعادة التصنيف وتعديل الأرقام الناتجة عن خطأ في توقيت الاعتراف بالإيراد الخاص بأحد البرامج الترويجية.
لا شك أن ما حدث شكل صدمة قوية لم يتوقعها أحد من شركة كانت تمثل نموذجاً للعمل الاحترافي، وكانت تشكل ثالث أكبر شركة في السوق المالية من حيث التأثير على المؤشر، و بالتالي يتوجب علينا الإشادة بخطوة هيئة السوق المالية في تعليق تداول سهم الشركة مؤقتاً حتى تقديم مزيد من الإيضاحات، بدليل أنه بمجرد تقديم إدارة الشركة هذه الإيضاحات المطلوبة مع بعض التطمينات الهامة حول سلامة موقفها المالي كانت ردة الفعل إيجابية برغم سلبية النتائج، وهنا تتجلى أهمية الشفافية والإفصاح في مثل هذه الأوقات الحرجة لإعادة ترميم الثقة بين الشركة العملاقة ومساهميها المذهولين مما حدث.
بالنسبة لقدرة الشركة على سداد ديونها بقيمة تقارب 17 مليار ريال، يجب أن نلاحظ أن تقرير مراجع الحسابات الخارجي لم يذكر أن الشركة تخلفت عن سداد ديونها على الإطلاق) بل ذكر أنها تخلفت عن أحد التعهدات المالية، وهذا أمر ممكن تجاوزه مع أول نتائج فصلية، آخذين في الاعتبار وجود تدفقات نقدية من الأنشطة التشغيلية تفوق 6 مليار ريال خلال 2014م إلى جانب أن الشركة لديها أصول تزيد في قيمتها عن 47 مليار ريال، والأهم أن المركز المالي لها الآن أصبح أكثر قوة و حصافة، ولذلك أعتقد أن الشركة قادرة على إعادة هيكلة ديونها بسهولة جداً وخلال فترة زمنية قصيرة.
وحتى نعطي صورة أوضح للوضع المتوقع مستقبلاً، يجب أن لا ننسى أن هناك مطالبة للشركة ضد شركة زين السعودية بقيمة 2,2 مليار ريال كانت قد أخذت عنه مخصصات بقيمة 1,2 مليار ريال بينما من المنتظر أن يصدر قرار لجنة التحكيم قبل نهاية هذا العام، مما يعني أنه في حال صدر حكم لصالح شركة موبايلي فإنها ستحقق ربحاً بقيمة 3,4 مليار ريال وهذا بالتأكيد رائع، ولكن إذا صدر حكم لصالح شركة زين السعودية فإن شركة موبايلي ستضطر إلى أخذ مخصص آخر بقيمة 1 مليار ريال سيكون بشكل غير متكرر، ولن يؤثر على تدفقاتها النقدية ولا على أرباحها في السنوات القادمة.
بشكل عام، أرى أن وضع شركة موبايلي اليوم يختلف جذرياً عن وضع شركات متعثرة أخرى في السوق المالية السعودية مثل المعجل أو الكابلات السعودية، حيث إنها لا تزال شركة قوية وعملاقة إلا أن مشكلتها تتلخص بشكل رئيسي في سياستها المحاسبية الخاصة بتسجيل الإيرادات، وهي مسألة بسيطة يمكن معالجتها بتفصيل معمق لهذه السياسة المحسابية على أساس تحفظي لا يمكن الاختلاف عليه مستقبلاً بين المحاسبين، وبعيداً عن الاندفاع العشوائي والتفسيرات المغلوطة التي كانت عليها الإدارة السابقة، ولذلك أرى أن الشركة ستعود قوية كما كانت إلا أن ذلك سيحتاج إلى بعض الوقت والله أعلم.